كتب :جمال عابد فتاح ـ العراق
هذا الكتاب الصادر في 2017 ومن طباعة دار ميزويوناميا للطباعة والنشر في بغداد / شارع المتنبي قسم الشاعر سامي مهدي كتابه الى فسمين , القسم الاول يتعلق بذكرياته الادبية والمتعلقة بشخصه والقسم الثاني يتعلق بأدباء وفنانين كانت له ذكريات ومواقف معهم , كما ان الكتاب يلقي الضوء على تكوين الاستاذ سامي مهدي , التكوين الثقافي والمصادر التي نهل منها , وبعض الجوانب من سيرته الادبية وحياته المهنية ومواقفه الشخصية . والكاتب سامي مهدي من مواليد بغداد / الكرخ 1940 ,وكان منذ صغره مولعا بقراءة الصحف اليومية التي يصدرها , الحزب الوطني الديمقراطي , حزب الاستقلال , حزب الجبهة الشعبية , وايضا كان يقرا صحف البلاد , الزمان والشعب ,وكان مواظبا على اقتناء الكتب والمجلات الثقافية وزيارة المعارض الفنية , وكان والده له الفضل في تكوينه وفي دخوله الى عالم الكلمات , حيث كان والده شبه امي ,ولكنه علمه ان يكتب اسمه واسم ابيه وكلمات اخرى قليلة ,وفي السنه الخامسة من عمره قرر والده ان يلحقه بكتاب من كتاتيب ذلك الزمان , فتعلم في ( كتاب الملا قاسم ) في منطقة باب السن , القراءة والكتابة والعمليات الحسابية الاربعة وحفظ جزء من القران ,وصار يردد آيات من سورة الكهف وسورة النجم ,وبدا يقرا بدون صعوبة بعض الصحف والمجالات التي كان خاله يحملها معه عندما يزور بيتهم ,وقد ازدادت صلته بعالم الثقافة والادب منذ ان كان عمره 13 سنة حيث بدا بقراءة مجلة الآداب اللبنانية والتي اكتشفها عندما جاء مدرس اللغة العربية الاستاذ عباس القره غولي الى الصف وكان الدرس هو درس مطالعة , فوضع المجلة امامه وطلب منه ان يقرا امام زملاءه في الصف قصيدة عن فلسطين , وكانت للشاعر الفلسطيني ((هارون هاشم رشيد )) وكان ذلك في عام 1953 , وكان في الصف الاول متوسط , والمجلة مازالت في السنة الاولى من صدورها , ويعترف الاستاذ سامي مهدي بان هذه المجلة هي التي فتحت له باب الادب واغرته بدخوله , وهي التي دربته على الصبر التساؤل و التفهم اثناء القراءة وادخلته في عالم الادب الحديث واثرت في ذوقه وتكوينه الثقافي , وبدا عالمه الصحفي عندما تولى رئاسة تحرير (سبل الرشاد )) وهي كانت نشرة مدرسية في متوسطة (فيصل ) عندما طلب منه مدرس الرياضيات (قاسم محمد عبد الله ) ان يكتب تحت اسم النشرة اية قرانية ,فكتب الاستاذ سامي الآية التي تقول : ( وقال الذي امن يا قوم اتبعوني اهدكم سبل الرشاد ) , ويدين الاستاذ سامي الى معلم اللغة العربية في متوسطة الفيصل الاستاذ ( عباس علي القره غولي ) الذي شجعة كثيرا وقال له : ( اذهب يا فتى فانت شاعر ) , ويذكر الاستاذ سامي بان اول كتاب اشتراه من نقوده الخاصة هو رواية الام ( لمكسيم غوركي ) وكان سعره آنذاك ( 600 فلس ) وكان ذلك في عام 1954 , عندما كان في الصف الثالث متوسط , ثم بدا بكتابة قصة قصيرة ارسلها الى احدى الصحف الاسبوعية وقد نشرت في صدر صفحتها الثقافية , وكان ذلك له الاثر الكبير في تشجيعه على الكتابة وكان ذلك في عام 1955 , ثم نشر في نفس الصحيفة قصيدة عنوانها ( اسقنيه ) , ثم نشر قطعة من سبعة ابيات عنوانها ( صاحبي ) , ثم عاد الى النشر بعد ان توقف فترة وكتب في الصحف عام 1957 بتشجيع من زميله القاص ( موفق خضير ) . ثم يتحدث الاستاذ سامي مهدي عن دراسته الادبية في ثانوية الكرخ وعندما تخرج منها عام 1958 دخل الى كلية الآداب / قسم الاقتصاد , وبدا يقرا اكثر . حيث قراء للشعراء ( شوقي , علي محمود طه , محمود حسن اسماعيل , الجواهري ) ثم بدا يقرا ايضا الادب المجهري( لايليا ابو ماضي وميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران )وايضا كان الاستاذ سامي مهدي مولعا بالفنون التشكيلية وكان الرسم من اهم هواياته , بعد ذلك يتكلم الاستاذ سامي عن المناصب والمهام التي تولاها في حياته العملية ومنها من عام 1977 الى عام 1980 كان ( مديرا للمركز الثقافي العراقي في باريس ) , رئيس تحرير مجلة الف باء , مدير الاذاعة والتلفزيون , رئيس تحرير جريدة الجمهورية , محرر في جريدة الجماهير , مدقق في المديرية العامة للبريد والبرق والهاتف , مديرا للصحافة في وزارة الثقافة والاعلام . ثم يتحدث الاستاذ سامي في كتابه عن ذكرياته مع بعض الشعراء والادباء ومنهم ( عبد المعطي حجازي , محمد الفيتوري , بدر شاكر السياب , لويس عوض , خالد علي مصطفى , موفق خضير , عاتكة الخزرجي , عبد الوهاب البياتي , غازي العبادي , شاذل طاقة , نهاد التكرلي , الفنان فائق حسن , الفنان جواد سليم , محمد سعيد الصكار , عبد القادر العزاوي , فاضل العزاوي , ادونيس , محمد روزنامجي , حسب الشيخ جعفر , رشدي العامل , كاظم جواد , حسين مردان , عبد الامير الحصيري , سعدي يوسف , عباس علي القره غولي , محمد درويش , امال الزهاوي , صلاح نيازي , الفنان روحي الخماش , سركون بولص , محمود البريكان , نازل الملائكة , طالب القره غولي ) وغيرهم , وهذه الذكريات مع هؤلاء الشعراء والكتاب والادباء والفنانين , كانت لكل واحد منهم قصة معه اشار اليها في ذكرياته معهم , وبعضهم كان قد ساعدهم كثيرا عندما كانوا محتاجين للمساعدة المطلوبة طبعا . اضافة الى ذلك فقدد ذكر في كتابه مجموعاته الشعرية التي الفها , ودواوينه ايضا وعلاقته مع اتحاد الادباء والكتاب / المقر العام , في الحقيقة هذا الكتاب هو موسوعة جميلة جدا لشاعر وقاص افنى حياته في القراءة والكتابة والشعر وخدم بلده وخدم زملائه , وهؤلاء الاشخاص اللذين ذكرهم ولو بجزء بسيط , بعضهم نعرف اسماءهم , والبعض الاخر نعرف سيرتهم الذاتية والشعرية , وجميل جدا من الاستاذ سامي مهدي ان ذكرنا بهم . انه كتاب جميل وراقي ومدهش ويشدك لقراءته من الغلاف الى الغلاف , لما يحويه من ذكريات عبقة وسير ذاتية رائعة .