الأضواء/ شيماء لطيف
يعد سعدي من أبرز شعراء الحداثة الشعرية الثانية مع أدونس ومحمود درويش، فهوا شاعر ومترجم عراقي، ولد في البصرة عام 1934، تخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954وحصل على “ليسانس شرف في آداب العربية، وعمل في التدريس والصحافة الثقافية، تأثر سعدي يوسف بعدد من الشعراء المصريين واللبنانيين في بداية مشواره الشعري الرومانسي، منهم علي محمود طة، ومحمود حسن إسماعيل، وإبراهيم ناجي، وتأثر بإلياس أبو شبكة وصلاح الأسير، لكن القصيدة بدأت تكتمل على يديه، وتأخذ شكلها الهندسي الجديد، وخصوصاً الانشغال بالتفاصيل منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، حيث بدأ الكتابة بلغة مبتكرة، مستحضراً ما هو حسي، ولا سيما بوضع يده على الحياة المعيشة، بما تملك من قيم مجازية متراكبة ومتشابكة وذات دلالات رمزية ونصاعة شعرية، إن شعر سعدي يحتاج أن يقرأ أكثر من مرة، ففيه تأملات تحتاج إلى قراءة متأنية، ولاسيما ما يحتويه من تنويع وغنى وبساطة وتفرد، وقد حاول سعدي كسر مرآة الشعر خارج دوائر الانفعال وخارج التجديف، وكانت اللغة شيفرته الخاصة إلى ذلك ووسيلة، حيث عاش للشعر وحده، مخلصاً على نحو شديد.
فلن يكتب الشعر، بل كان يتنفسه، والشعر بالنسبة إليه هو الحياة بسليقتها، مثلما الحياة هي الشعر، وخصوصاً حين يندغم ما هو خاص بما هو عام وتتشابك الذات بالموضوع، وبحسب مايقول سعدي نفسه، الشعر ساحة مفتوحة وكل تجريب فيها ممكن مثلما كل الأشكال ممكنة ولا وجود لشكل فريد، بل إن الأشكال تتعدد في القصيدة، وتلك ميزة غنى واكتناز، وهكذا ترى قصيدته مكتظة بالصور إلى درجة أنه يتداخل، هو ونصه، أحياناً في لقاء حميم وحوار متصل مع الروح، حيث تمكن من تقريب اليومي المألوف والعادي والإنساني إلى قيم شعرية مثيرة وأليفة، وبقدر زهد اللغة وبساطتها، لكنها في الوقت عينه تحتاج إلى وعي لفهم طبيعة العلاقة بين اليومي والتاريخي والعابر والخالد والخاطر والمستقبل.
لعل قصيدة سعدي يوسف تلامس الحياتي، المعيش، المنظور، الملموس والحسي، الفيورباخي إذ جاز التعبير وهي بقدر فردانيتها، فإنها عامة أيضاً، حيث القيم الجمالية، ويحاول سعدي إشراك المتلقي في قصيدته، بما هو آني ومباشر ومحسوس، فإن قصيدة سعدي يوسف مباشرة وآنية ومعيشة، بما فيها من رشاقة وأناقة وجمال، وبما فيها من إدهاش وعفوية، وبقدر ما يكون نصه مدهشاً، فإن الدهشة الأولى كانت شخصه، وهي تبقى ملازمة لك، حتى بعد عقود من الصداقة.
عن بيئة أبو الخصيب والبصرة عموماً، وهي ذاتها بيئة السياب، جيكور والبصرة، يقول سعدي إنها غابات النخيل وشمس القرى، وهو ما اكتنزه، حيث الجداول والنهيرات والفضاء الشاسع والدهشة الأولى، ويضيف:لقد كانت الحياة الثقافية في البصرة، بما فيها أطرافها أبو الخصيب وجيكور، بيئة نشطة وحيوية وحساسة، وهي بيئة مفتوحة تتقبل الجديد مثلما تتقبل الاجتهاد والحداثة وحركة التيارات الاجتماعية الراديكالية، أنها بيئة ملائمة للتفاعل مع الآخر.
غادر سعدي يوسف العراق في السبعينات، وكان مقيما في المملكة المتحدة منذ عام 1999. واستقر في سنوات العمر الأخيرة في لندن.
دفن سعدي يوسف في مقبرة هاي غيت ( لندن) ترك
لنا سعدي يوسف عمارة شعرية قوامها 35 مجموعة شعرية، و10 أعمال شعرية مترجمة لكبار الشعراء العالميين، وترجمات ل14 رواية عالمية، وروايات وقصص وكتابات نقدية زادت على 8 كتب، فضلاً عن 6 مجموعات مترجمة بلغات أجنبية، ودراسات وأطروحات أكاديمية عن تجربته الشعرية..