كتبت : نوسود عبدالخالق منصور القناص
جاءنا شعبان وإمتزجت الفرحة برائحة الجنة كأنه من عهدِ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم – مميزٌ !!! ربما لولادة علي الاكبر ، الذي ينشق وجهه من وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وشجاعته من شجاعة جده علي – عليه السلام – كأنه الامواج تتلاطم بوجه الاعداء . يُرعبهم بصولاته ، وكأنه الضباب يُعمي ابصارهم كما عمت القلوب !!! او لربما لولادة علي بن الحسين ( عليه السلام ) فمن شاه زنان سيدة نساء زمانها ومن باقر علوم زمانه إكتمل الايمان ليولد لهم فجر سيد الساجدين وزين العابدين لازال الفرح سارياً في شعبان لربما لولادة ابي الفضل العباس ماعُرِفَ في التاريخ أوفى منه!!!! ملامح الدنيا تغيرت ، تُرى ماذا حدث ؟؟ هناك في الافق ، المَلَكُ جبرائيل مبتهجٌ والملائكة يطيرون معه ، تُرى أين هم ذاهبون؟؟ رحيقٌ كان يعبر أنف فطرس فيستنشقه ، جميل كان ذاك العطر تُرى مامصدره ؟ ؟!!!. جناحه المكسور لايسمح له بتقصي الاحداث !!! وحشه فراقه عن ربه اتعبته كثيراً ، تُرى هل سأقضي عمري بعيداً عن رحمة ربي؟؟؟ اجهش فطرس بالبكاء .لحظةٍ وأحسَ بإن هذا اليوم سيمنحه راحةٍ في نفسه وسعادةٍ لاتوصف ،بعد إن كان مُنزويٌ في هذه الجزيرة يعيش ألم البعد عن الله تعالى . رفرف بجناحه الآخر ، رآه جبرائيل (عليه السلام )أومأ إليه : ماذا حصل لينقلب الكون سعادة وسرور ؟؟ أخبره حبرائيل ( عليه السلام ) أنه ذاهب الى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم )ليُهنِئه بولادة حفيده الحسين ( عليه السلام ) . أوصاه الملك العليل ان يسأل محمداً بالدعاء له !! فدعاه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ان يمسح جنحه المكسور بمهد الحسين ( عليه السلام ) !!! كان المكان جميلاً والمولود أجمل ، فدنا فطرس من المهد ومسح جناحه به فإلتحم بسرعه هنا أيقن فطرس بأن ولاية علي ( عليه السلام ) ، منها هذ االمولود ومعاجزه ! ! !! فأقترن اسم فطرس بالحسين ( عليه السلام ). فاكتملت الحياة في عينه . فحين يستحيل علينا اللقاء بمن نحب نتوددُ إليه كثيراً لعله يزور أعماقاً تائهةً ، او لعله يُمطر على قلبنا يقناً ان نكون معه !!! سُرَ من رأى هي لمن دخلها ،سُر -من- رأى !وكيف لاتكون كذلك وفيها ولد إمام زماننا، حجة الله في أرضه ؟!!. طوال فترة ممتدة ،ولأن عشقها كان له عظيماً- إعتادت فاطمة -تجهيز سُفرةٍ ، إعتادتها كل عام بالتكرار . متلهفة تُحضرها ، مابين بعض الحلوى وقطع الكيك التي تعملها بيديها ،وشموع وزهور جميلة ومصحفاً للبركة،حتى انها لم تنسَ أن تضعَ الماءُ ومعه قدحٌ لعل الامام يشرب منه فتنال منه بركةٍ للشفاء!! من اللطيفِ انها تضع ورقةٍ بيضاء وقلماً ،فلعل ضيفها الكريم يكتب لها عبارة او كلمة او حتى توقيع تُثبت للأهل أن الغائب كان حاضراً عندها!. تنام فاطمة بعد يومٍ طويلا كانت قد رتبت البيت جميعه وعطرته بإجمل العطور.تملاُ السعادة قلبها ، وتزدحم الاسئلة :ماذا لو جاء ؟ هل سيبقى عطره يعانق المكان ؟؟ ماذا لو كتب لي عبارة دعاءٍ تخصني ؟؟ تتفانى في عشقها له ، فهو دستورها الذي تُسير حياتها به . افكار فاطمة كانت دقيقة ، دقيقة جداً في عملها حاولت ان تهتم بكل عمل يخص هذه الليله ولم تنسَ الدعاء للأموات .رياح الشغف تعصف جذور قلبها الذي يكاد ان ينقلع إذا رآى جمال معشوقه!!!! وضعت رأسها على الوسادة بعد إن أكملت أعمال ليلة الخامسة عشر من شعبان. الخوف والارتباك ، والفرح واللهفة ، إمتزجت في داخلها حتى إذا غلبها النُعاس ،إستيقظت مهلوعةٍ وقد ودعت الليل بثقله لتستقبل الفجر ببشاشته ، متجهة نحو سُفرتها.. تلفظ انفاسها ، لعل نفساً جديداً حَلَّ في الغرفةِ !! تقتربُ بسرعة ثُم تُبطئُ الخطوات تضع يدها على عينيها فنوره يخترق البصر !! يدخل جسدها المتأرجح بالقلق الغرفة ، تضيع ملامح الفرحِ منها تبحث في اي تغيير طرأ على ما أعدته حتى ان ورقتها لازالت فارغة ؟!!! تحزن كثيراً لان الغائب لم يكن حاضرا ً عندها !!. تُلقي الحُجةُ على نفسها ، لم تكن مؤهلة لرضاه !! ولم تستحق التقدير منه!! وتصمت ُ طويلاً ودموع الحزن متأرجحه على خديها مُفلسةًتُجاه لِقاءه….يتعوذُ لسانها من الشيطان تنهض وتستعد لعام جديد ،لعله يُسرُ بها ، فَتُسَرُ فاطمة بلقاءهِ ، كمن سُرَ من رأى المهدي ( عجل الله فرجه الشريف )،تنهض لتتوضأ وتصلي فلع اللقاء بعد طول غياب لعله يأتي فجأةٍليلتقي بتلك النفس التي لطالما اتعبها الانتظار ؟!!