بقلم : أ.علي هترو حويزاوي
سؤالٌ يلحُّ عليّ الآن،كيف أتخلص من أثر يوم سلبيٍّ؟ كيف أعمل (delete) لهذا اليوم؟ وكيف أعمل(Removal) للأشخاص الذين آذوني؟ وكيف أعمل (Restore settings) فأستعيد سيرتي الأولی وأتخلص من الطاقة السلبية التي تستولي عليّ؟
فإن الإنسان كائن عجيب، متی ما يكون في منتهی القوة، يكون في منتهی الضعف،شديد التأثر بما حوله،ولاسيما المرأة،فهي مخلوق شفاف رقيق،وخاصة إذا كانت تربيتها تربيةً إسلامية إنسانية،فلا يبدر منها ما يسيء الی الآخرين،ولايصدر منها ما يجرحهم،ولا تطلق كلمةً إلا وحسبت لها حسابا، وفكّرت في متلقيها وفي وقعها عليه!!
حين نتعرض لموقف جارح من شخص ما،نبقی تحت تأثيره السلبي لمدة وجيزة ويزول أثره،لكننا إذا تعرضنا لموقف من عزيز، وله منزلة عندنا،حينها يكون الأمر ثقيلا جدا، يكون كالموت لمرات عديدة، تُحاصَرُ الروح ،وتصعدُ وتصلُ الی النهاية ثم تهبط الی قاع الحقيقية من جديد،الحقيقة الباردة الصلدة!!
فلا نجد سوی الدموع الفيّاضة المؤلمة وسيلةً للتخفيف عن همنا الثقيل!!
بقيت أسأل ولا أخفيكم قد كتبت لصديق متخصص أسأله عن آليةٍ للتخلص من هذه المشاعر،فلم أجد ضالتي!!
فقلت: لايؤلم الجرح إلا من به ألم
لأعود الی رفيقي الدائم الذي يخفف عني كل منغصات الحياة، أعود إلی الجناحين اللذين يعيناني دوما وهما(القرآن الكريم،ومحمد وآل محمد) فسألتهما بمرارة :
🔴 كيف أشطبُ يوما من ذاكرتي؟
فأجابني القرآن الكريم:((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)) سورة الحديد،الآية 20
ورغم هذه الحقيقة الناصعة للدنيا التي بيّنها النص،لكني مازلتُ مغتاظة وحزينة، فسألت القرآن الكريم مرة ثانية:
🔴 كيف أعمل (delete) لهذا اليوم فأتحرر منه؟
فأجابني:( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ۩وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)) سورة الطور،الآيتان:٤٨- ٤٩
إذن قدم لي القرآن الكريمُ طرق معالجةٍ تطبيقية:
ـ أن أحثَّ نفسي علی الصبر والتروي
ـ أن أفرح؛ لأني بعين الله تعالی ورعايته،فقد قال الله:بأعيننا،بصيغة الجمع الفخمة،إذن أنا في منزلة الرعاية الإلهية،والمحبة الإلهية.
ـ أن ألجأ الی التسبيح (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)
ـ حين يشتد وجع الذاكرة ويعلو أنينها ليلا، أن ألجأ الی الصلاة،فإدبار النجوم: ركعتان قبل صلاة الفجر كما روي ذلك عن الرسول الأعظم، إذن لابد أن أداوي جرحي بهذه الوسائل التي تمتص الطاقة السلبية وتفرِّغ شحناتها،فأتخلص منها وتحلّ محلها طاقة إيجابية،فالدعاء من شأنه أن يخلق حالا روحية خاصة،فبمجرد أن ندعو ونشكو ونبث همومنا الی الله تعالی،نشعر بالرضا والاستقرار النفسي والارتياح.
🔴 كيف أعمل (Removal) للأشخاص الذين آذوني أو صدموني؟
فيجيبني القرآن الكريم بقوله:((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)) سورة الكهف الآية :٦
وهنا يحث الله تعالی رسوله الكريم(صلی الله عليه وآله) أن لا يقتل نفسه هما وحزنا علی من لايؤمن به، وهذه قاعدة يُفترض بنا أن نتبعها فالذي لايقدِّر وجودنا في حياته،ولايثمِّن دورنا،لايستحق أن نهلك أنفسنا في التفكير به أو الحزن عليه.
وكذلك قال تعالی:((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ)) سورة النحل،الآية ١٢٧
وفي هذا النص أمور عديدة منها: إن الصبر والسلوان سيكون بمعونة الله جلّ وعلا وبتوفيقه،إذن بمجرد أن تستدعي الصبر سيرافقك المدد الإلهي الداعم.
وأيضا في هذا النص نهي عن الحزن علی من لايستحق ،فلابد أن نخلق الصلابة خلقا ونستند عليها،فلا نحزن علی من يؤذينا،ويفرِّط في وجودنا،ولايضيق صدرنا بالتفكير في مكره من عدمه،ويمكننا ملاحظة (لاتكُ) فقد تناسب حذف النون مع التنبيه الی ضآلة حجم من آذانا، فلا ينبغي لنا أن نعطي من لايستحق حجما أكبر من حجمه!!