الرئيسية / المرأة والمجتمع / السلوك المنحرف لدى الشباب وسبل معالجته

السلوك المنحرف لدى الشباب وسبل معالجته

الدكتور عبدالستار جبر الزهيري
الاستاذ في العلوم التربوية والنفسية

 

السلوك المنحرف انه صراع بين رغبات وطموحات ودوافع الفرد من جهة ووسائل الضبط الاجتماعي والسلوكي
التي يعتمدها المجتمع أو الجماعة من جهة أخري. وما الانحراف إلا نتيجة لفشل وسائل الضبط الاجتماعي في السيطرة علي الدوافع الطبيعية الكامنة عند الإنسان. غير أننا من جهة ثانية نشاهد أن النظرية الاجتماعية الحديثة تذكر أن السلوك المنحرف ما هو الا وليد التفاعلات التي تقع بين مؤسسات المجتمع المختلفة.
ويوجد في كل المجتمعات نظام معقد ومتدرج من المكافآت والأهداف. فالفرد الذي يناضل من أجل النجاح ويعتمد نضاله علي الطرق الشرعية التي يقرها المجتمع يشجع علي الاستمرار بهذا العمل مادام ان المجتمع يحترم ويقدر تقدمه هذا, لكن التأكيد المتزايد علي تحقيق أهداف معينة كالحصول علي الرواتب والأجور العالية بغية الحصول علي السمعة والاحترام قد يدفع إلي ظهور حالة لا تستطيع فيها العادات والعرف الاجتماعي ضبط سلوك الفرد. كما هي الحالة في لجوء بعض الأفراد إلي الأساليب اللاأخلاقية للحصول علي المادة ومنها لجوء بعض الأفراد للسرقة أو اختلاس الأموال, ومثل هذه الأعمال تشير إلي السلوك المنحرف الذي لا ينسجم مع أخلاق وعادات المجتمع السوية.
أن الانحراف هو السلوك غير السوي الذي يخالف القوانين ويخرق القيم الاجتماعية الايجابية ويقود الى إلحاق الأذى بالمراهق ومن حوله ويرى علماء الاجتماع أن ظاهرة الانحراف لا تعود إلى سببية محددة تقوم على فكرة التنظيم سواء أكان ذلك على المستوى الفردي او الاجتماعي وبين أن الامر تقف وراءه عوامل اجتماعية تنطوي على الاساس السوسيولوجي الذي يفسر ظاهرة الانحراف من خلال قراءة ظروف المنحرف المعيشية والسكنية والعائلية والبيئية باعتبار الظروف الاجتماعية تعد من ابرز محركات السلوك الانحرافي إلى جانب العامل النفسي المستند إلى القلق والشعور بالعجز والاغتراب النفسي وعدم الاحساس بالحب والقبول من الاخر وكل ذلك وسواه جعل علماء النفس يربطون بين الاختلالات النفسية والشخصية الانحرافية.‏
ان العامل البيولوجي بين السلوك المنحرف والعامل البيولوجي العضوي المتأتي من آفة وراثية مكتسبة كاضطراب الجهاز العصبي وجهاز الدورة الدموية والدماغ واختلال الغدد إذ كثيرا ما نجد منحرفين مدفوعين إلى سلوك غير سوي بسبب تكوينهم الجسماني، والضرف الاقتصادي إذ إن الفقر والحاجة ربما يدفعان إلى السرقة او الجريمة او تعاطي المخدرات لنسيان الواقع الى جانب سلوك الحيلة والنصب ومن الملاحظ أن نسبة الجنوح تزداد في الطبقة الفقيرة بالقياس الى الطبقة البرجوازية او المتوسطة.‏
أن العامل الجغرافي ويعني مكان نشأة الشاب له دور مهم في تشكيل ألية الانحراف فمع العيش في أماكن غير منظمة سكنيا ولا تتوفر فيها شروط الحياة ينمو الانحراف وقد بنيت الدراسات أن نمو المدن وتنظيمها نتيجة الهجرة من الارياف واختلال الايقاع الثقافي بين البيئة الحضرية والريفية وسيادة المعايير الخلقية المتضاربة من شأنه أن يؤدي الغوص او اللامعيارية ما يجعل جرائم الانحراف كثيرة في المدن هذا إذا اضفنا توفر الوسائل المساعدة على الانحراف كالاتجار بالمخدرات ولعب القمار وشيوع وسائل اللهو والترفيه التي تنشر الانحلال الاخلاقي والقيمي.‏
ان منظومة القيم والعادات والتقاليد الموجهة لسلوك الشاب وتقف الفوضى الثقافية وراء كثير من السلوكات المنحرفة لدى الشباب بسب تميع القيم‏
والتناقض الحاد بين التربية بمستوييها التقليدي والحديث وبين ما تضخه وسائل الاتصال والاعلام من قيم جديدة سلبية الى جانب غياب الخدمة الثقافية الصحيحة (المسرح – الفن بمختلف أشكاله – الأدب – مجالات الترفيه غير الضارة)‏
أن نقص التمسك بالادب الديني وضعف المستوى التعليمي وطبيعة المكونات الذاتية الجسدية والنفسية والعقلية لخصوصية المرحلة العمرية للشاب، تلعب أدوارا ملحوظة في تشكيل السلوك المنحرف وعليه يمكن القول أن معالجة السلوك المنحرف لدى الشباب تتطلب تحليلا للعوامل المولدة لهذا السلوك والبحث عن البدائل المساعدة على ازالة تلك العوامل وذلك عبر تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وتوفير ظروف معيشية وصولا الى الرفاه وتأمين فضاء ثقافي ومجتمعي نقي عبر اعادة النظر بوسائل التعليم ومناهجة وطرق التثقيف وتامين الرعاية الصحية ومحاربة مظاهر الحضارة الزائفة التي تولد الحاجات الاصطناعية الضارة من خلال فلترة ما تضخه وسائل الاعلام السلبية مضار مدروس والسعي الى ملء الفراغ بما هو مفيد وتامين فرص العمل وامتصاص طاقة الشباب وتوجيهها نحو الاعمال التشاركية والتطوعية التي تنفع الشباب والمجتمع معا وتكوين ثورة وعي وذهني لدى الشباب لان الجهل أساس كل انحراف سلوكي … تمنياتي لشبابنا بدوام الرفاه وحسن السلوك.

 

 

 

شاهد أيضاً

الابتزاز الجنسي الالكتروني ..يتفاقم ضد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي

(ممكن سكايب…ممكن تفتح كاميرا…ممكن نمارس الجنس عبر الكاميرا…انا لبنانية اعمل بصالون حلاقة) هكذا تبدوا الخطوات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.