الرئيسية / آراء حرة / تجليات ليالي الحظر

تجليات ليالي الحظر

كتب : أسعد سليم

 

الفرار إلى العزلة والوحدة وعدم الاختلاط كانت الشروط الأساسية للمحافظة علي ما تبقي من كوكبنا الذي أرهقناه وأهملناه فأخرجت الطبيعة بعض من غضبها في شكل فيروس غير مرئي يقتحم حناجرنا بلا هوادة ولا قبل لنا بمواجهته سوي الاختباء، تخيل أننا الآن في محاولتنا لإنقاذ كوكب الارض ليس مطلوبًا منا أن نتسلح ونخوض معارك حربية ضروس كما فعلنا بالماضي، فقط المكوث بالمنازل يفي بالغرض!

ما الخوف؟ وهل غريزة البقاء ما تدفعنا للذود عن أنفسنا بكل ما نملك من قوة حتي لا نقترب من حافة الموت؟ هل انتصر داروين أخيرًا؟

نولد باكين، ونعيش حياتنا بأسرها خائفين، نخاف من المستقبل والمجهول، نخشي المرض والمفاجآت، نخاف من الفلس والقبر والجحيم، نخاف علي أرزاقنا وأولادنا، نخاف من التعثر والاكتئاب والاحباط، ويظل الخوف الأكبر هو فكرة الموت والفناء، قدر لنا أن نولد في هكذا حياة، لكن ألا من سبيل يخفف من وطأتها ولو قليلًا؟

يبدو أن اتباع الخرافات ومحاولة اقتناص لحظات من السعادة هو طريق اختاره البعض لعبور الأوقات الصعبة التي نجابهها.

فمن الغرغرة بالماء والملح والخل لقتل الكائن اللعين قبل تمكنه من الوصول للرئة وكأننا قمنا بتحويل الكوفيد ١٩ إلي أحد أشرار الفيلم الشهير وحدي في المنزل وأصبحنا مثل الطفل البرئ الذي يخترع بعض الحيل التي قد تردع الأشرار، لكن يبدو أننا نؤذي أنفسنا لا الفيروس ذاته.

إلى ذاك الطبيب الشهير الذي نصح الجميع علي الهواء مباشرة بأكل الشلولو (وجبة تشبه الملوخية) لزيادة المناعة والتغلب علي الفيروس، ولم يكن يعلم أنه سيصير أضحوكة مثل نصائحه!

وبالتأكيد لم يكن الفول والعدس أكلاتنا الشعبية الشهيرة أقل وطنية من الشلولو، فنصح بهما العديد من الأطباء وغير الأطباء، لكنهم في الحقيقة وللإنصاف التاريخي أشاروا علينا بضرورة نقع الفول في الماء قبيل التنفيذ بفترة كافية!

رائحة الياسمين التي هبطت مع المطر بإحدى ليالي الحظر والتي اعتبرها البعض رسالة من رب العباد بوشك زوال الغمة، لكن الرائحة اختفت ولم تختفي الكورونا بعد!

الصلاة في جماعة بمكان مختبئ لجأ إليها البعض هروبًا من تعذيب أبو لهب المحتمل لهم في حالة اكتشافهم فأعادونا قرونًا للوراء، مثلهم مثل أولئك الذين خرجوا في مظاهرات ليلية تنديدًا بالكوفيد ١٩ ورفع المطالب إلي زعيم الفيروسات بضرورة الخروج من البلاد علي سفينة المحروسة معززًا مكرمًا وإلا سيري منهم وجههم الآخر!

أما أولئك الشيوخ الذين افترضوا منذ اللحظة الأولي أن الفيروس جند من جنود الله التي أرسلها لنا ليعاقبنا علي إهمالنا في العبادات والأوامر الربانية، فماذا هم فاعلون اذا استطاع أحد علماء الغرب الكافر اكتشاف المصل، هل سيكون حينها قد انتصر على مبعوث الغضب الإلهي؟

الوزيرة التي تمتلك الدواء سرًا، الموسيقي التي عزفت في الشرفات في محاولة لتطبيق نظرية مواجهة المخاطر بالفن، أسماء الأدوية المنتظرة كعلاج للفيروس والتي حفظناها عن ظهر قلب بل نفذت من الصيدليات قبل إقرارها كعلاج مؤكد، فيديوهات المرضي المحتجزين بالعزل الصحي الناصحين لنا بالبقاء في المنازل، صور الأطقم الطبية التي نتفاخر بها وهم جالسون علي الأرض من شدة الإرهاق، التباعد الاجتماعي المطلوب لتقليل نسبة الإصابات والذى واجهناه بالانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية، الحياة بالمنزل واكتشاف الأسرة من جديد والكوميديا التي انطلقت في وجوهنا عن ذلك الرجل الذي بات محبوسا في البيت مع عدوه اللدود حتي أنه أصبح يذهب سريعًا لارتداء غطاء الرأس اذا طرق أحد الباب، لهفتنا في انتظار تقارير وزارة الصحة عن أعداد المصابين والمتوفين وكأننا ننتظر شهادة الثانوية العامة، حياتنا بالكمامات والقفازات والمطهرات أسلحتنا الوحيدة في المواجهة، تداعيات الأزمة علي الغرب واكتشافنا أننا كنا نمنحهم قداسة قد لا يستحقونها.

الجد والهزل، الخوف والشجاعة، اليأس والرجاء، الغرب والشرق، الدين والعلم، الحياة والموت، ثنائيات فرضت نفسها علينا فرضا وسط الأمواج التي تتقافز بنا وتطوحنا بلا رحمة ولا شفقة علي أمل أن يفرض اللقاح نفسه علينا حتى نستعيد أيامنا الطبيعية، فكم اشتقنا للعادي ولم نعد نلق بالًا للاستثنائي أو المبهر، كثيرة هي المشاهد والتجليات التي ظهرت للعلن، وما خفي كان أعظم!…

 

تعليق الكاتب كاظم شلش

خلاص ايها المثقف العربي.. للحظه الانيه المه هذا المقال بكل شيء مرر على كوكب الارض ..وتحدث بمافي داخل الجميع من هلع وفوبيا.. بأختصار شخص انهزامية التعاويذ.. وبركات من يوزعون القداسه بالمجان.. وبان بؤس التطور والتقدم.. وباتت كل محاولات هرقليطس.. وبرقليطس بالفشل.. وحتى شكل الارض هل هي دائريه ام بيضوضية الشكل الكل توقف ويجب ان يعاد النظر في كل منظوماتنا العلميه والفكريه من الان.. امام فايروس لايرى بالعين المجرده.. ودعونا ان نضرب بالتخت رمل كما يقال.. ونحسب انها نبؤات او مايريد ان يصطلح عليه المثقفين تكهنات..

كاهن يغرد وراء السرب.. نقول قولتنا الغير مقتنعين بها بعد ان اوصدت جميع الابواب الارضيه والسماويه.. نذهب للخرافه لعلها تجدي نفعا. ونحدد هذا الفيروس ونجعله متأتي الينا من اقوام اخرى فضائيه تريد ايصال فكره الى كوكب الارض عن التطور الحاصل هناك.. وارسلت الينا هذه الاقوم جزء بسيط من ماتمتلك من قوه في مجال الطب.. كأنها تقول لنا..هذا لكم ان كنتم قادرين على معالجته فلابأس سوف نحترمكم قليلا.. حقيقة مقال يستحق النشر والقراءة مرات ومرات بارع في رصد كلما هو جديد سواء في القصيد اومقال كهذا المثقف العربي احسنتم مع الود.

شاهد أيضاً

عـلمـاء غيـروا وجـــه العـالــم (( فيثاغورس ))

 كتب : جمــال عـابـد فتـاح ـ العراق المعروف عن الحياة الخاصة لعالم الرياضيات والفيلسوف الاغريقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.