الرئيسية / الثقافية / مفهوم القناع

مفهوم القناع

كتب : الاستاذ الدكتور صدام فهد الاسدي

القناع ما تتقنع به المرأة من ثوب تغطي رأسها ومحاسنها، وألقى عن وجهه قناع الحياء ، على المثل ، وقنعه ، سمواً الشيب قناعاً لكونه موضع القناع من الرأس ، والمقنعة ما تقنع به المرأة رأسها ، وقال الأزهري ، ولا فرق عند الثقات من أهل اللغة بين القناع والمقنعة وهو مثل اللحاف والملحفة وفي حديث بدن ، فانكشف قناع قلبه فمات ، وقناع القلب غشاؤه تشبيهاً بقناع المرأة ، وهو أكبر من المقنعة ، والقناع أوسع من المقنعة ، وقد تقنعت به وقنعت رأسها وقال عنترة بن شداد :

أن تغدقي دوني القناع فإنني

طب بأخذ الفارس المستلئم

والقناع اصطلاحاً هو الوسيلة الفنية التي يلجأ إليها الكاتب أو الشاعر للتعبير عن تجاربه بصورة غير مباشرة أو تقنية مستحدثة وقد شاع هذا الأسلوب منذ ستينيات القرن الماضي ( القرن العشرين ) بتأثير الأدب الغربي وتقنياته المستحدثة للتخفيف من حدة الغنائية والمباشرة في الشعر وذلك للحديث من خلال شخصية تراثية عن تجربة معاصرة بضمير المتكلم وهكذا يندمج في الرواية أو القصيدة صوتان صوت الروائي أو صوت الشاعر من خلال صوت الشخصية التي يعبر الروائي أو الشاعر من خلالها .

القناع مصطلح مسرحي أساساً لم يدخل عالم الشعر إلاّ في مطلع هذا القرن ليؤدي وظيفة جديدة تختلف نسبياً عن الوظيفة التي كان يؤديها في مجال المسرح .

أما القناع بصيغته الأدبية فقد أن على يد الشعراء الإنكليز سيما الشاعر ( بن جونسون ) الذي كتب اعمالاً مسرحية تنتمي إلى ما يطلق عليه ( الأقنعة ) من خلال مسرحيته ( السواد المقنعة ) عام 1605 التي تقف في مقدمة أعماله في هذا المجال .

أما الإشارة الأولى للقناع كاسلوب تعبيري في الأدب العربي الحديث فقد كانت إشارة إلى دلالته وجاءت مكتوبة على غلاف مجموعة الشاعر ( أدونيس ) الشعرية الموسوعة ( أغاني مهيان الدمشقي ) وفي هذه المجموعة لجأ أودنيس إلى طريقة جديدة في التعبير الشعري هي إبداع شخصية ( مهيان الدمشقي ) وعند ظهور كتاب ( تجربتي الشعرية ) للشاعر عبد الوهاب البياتي أصبح القناع مصطلحاً اسلوبياً يشير إلى الاسم الذي يتحدث من خلاله الشاعر نفسه متجوداً من ذاتيته أي أن الشاعر يعمد إلى خلق وجود مستقل عن ذاته وبذلك يبتعد عن حدود الغنائية والرومانسية التي تردى أكثر الشعر العربي فيها .

ويعد البياتي رائد القناع سواء من حيث تحديد مصطلحه الدقيق أو من حيث استخدامه في شعره حتى أن الدكتور احسان عباس يعتبر أن عماد التجديد في إبدا عالبياتي يعتمد على تقنية القناع ويعد السياب أيضاً من رواد القناع من خلال عدة قصائد له اعتمدت على تقنية القناع مثل قصيدة ( المسيح بعد الصلب ) .

أما تعريف القناع اصطلاحاً فهو وسيلة فنية لجأ إليها الشعراء للتعبير عن تجاربهم بصورة غير مباشرة ، أو تقنية مستحدثة في الشعر العربي المعاصر شاع استخدامه منذ ستينيات القرن العشرين بتأثير الشعر الغربي وتقنياته المستحدثة للتخفيف من حدة الغنائية والمباشرة في الشعر وذلك للحديث من خلال شخصية تراثية عن تجربة معاصرة بضمير المتكلم ( أو بتوجيه الخطاب إليها أو من خلالها ) وهكذا يندمج في القصيدة صوتان ، صوت الشاعر من خلال صوت الشخصية التي يعبر الشاعر من خلالها وتقوم تقنية القناع على ثنائية الاظهار والاخفاء ، فالمزاوجة بينهما وتبادل الأدوار بين الثنائيتين ، هما ما يحققان القيمة التأثيرية لبنية قصيدة القناع . ويتواتر التأثير الفني في نفس المتلقي عبر تقنية القناع ، فكل متلق يستقبل الشخصية المستدعاة ويتعامل معها وفق مكوناته الفكرية والنفسية ويقوم السياق الذي ترد فيه بدور مهم في توجيه التلقي وتحقيق جدواه ، ومن الشخصيات المستعان بها لغرض تشكيل الصورة الشعرية ، الشخصيات الدينية والشخصيات الأسطورية والشخصيات التأريخية كونهم جعلوا منها قناعاً يسد مسد الشخصية المعنية بالخطاب أصلاً .

الفرق بين القناع والرمز :

خيط رفيع ذاك الفاصل بين الرمز والقناع ، فما القناع إلاّ صورة من صور الرمز وآلية من آليات التعبير ، لخلق تكثيف فني يبتعد عن التقريرية ، ويمنح الذهن فرصة استكشاف المعاني غير الظاهرة من خلال المقاربات بين الدلالات الحقيقية والمجازية للكلمات التي تشكلت من تلاحمها الصورة الفنية التي اتخذت القناع ، بغض النظر عن نوعه وسيلة لها كما يشكل حجاباً يقي الكاتب والشاعر الدخول في مواجهات مباشرة مع المجتمع لأسباب سياسية أو اجتماعية أو دينية .

الشخصية الروائية والقناع :

هل يمكن الحديث عن حداثة النص الروائي العربي وهو بطبعه يقطع مع السلسلة الثقافية العربية التقليدية ليكون وجه من وجوه تحديثها وهو البذرة المزروعة في رحمها تزعزع مفاهيمها وتعرضها للقلق والحيرة وفضول السؤال ؟

لكن حداثة السرد لا ينحصر في شكل واحد أو نموذج محدد ذلك أن الكتابة الروائية العربية أفرزت اتجاهات عديدة ومتنوعة ، اختيارات فنية وخلفيات ثقافية وفكرية ومؤثرات أجنبية وقد استطاع عدد من المبدعين الذين مارسوا هذا الفن السردي صياغة تجارب متميزة ومخالفة في اطار النموذج الواقعي المتطور على الدوام فيصوغ بذلك انموذج خاص داخل انموذج العام ويكون بدوره صوتاً جديداً يضاف إلى الأصوات العديدة التي تبني مجتمعه أركان حركة أدبية هي خلاصة جهد جيل بأكمله على نفسه بناء أسس رواية عربية حديثة بتكثر تقنياتها من تجربتها الخاصة ولكنها تضيف إلى الإرث العالمي وتتعامل معه أخذاً وعطاءً .

وعندما نتأمل المشهد الروائي العربي الآن يتبين لنا أن رموزاً إبداعية كثيرة تركت بصمتها على الابداع الروائي العربي وأنجزت مشاريعها الإبداعية ، فلا أحد يشك أن نجيب محفوظ هو الآن صاحب أسلوب خاص في كتابة الرواية العربية بدأت تتضح معالمه مع ( القاهرة الجديدة ) لكي يبلغ أوجه مع الثلاثية ثم يتخذ منعرجاً جديداً مع مجموعة من الروايات تبدأ بـ ( السمان والخريف ) و ( اللص والكلاب ) ومهما كانت التنويعات داخل التجربة المحفوظية فإن الواقعية اتخذت مع نجيب محفوظ شكلها الخاص الذي يميزه كما اتخذت مسيرة السرد عنده نهجاً لا يتكرر إلاّ لدى من يسعى إلى المحاكاة التي تبطل الخلق والابداع ، كما لا يشك أحد في أهمية تجربة كاتب كحنا مينه الذي لون الواقعية الروائية باسلوبه الخاص المتميز وقد بدأ تجربته متأثراً إلى حد كبير بكاتب ( القاهرة الجديدة 9 من خلال روايته الأولى ( المصابيح الزرق ) ولكنه سرعان ما سلك نهجاً متميزاً هو ضرب من الواقعية الاشتراكية في صيغتها العربية تأخذ من الواقعية النقدية شيئاً من الرومانسية شيئاً آخر ومن الطبيعة أشياء ولكنها على كل حال واقعية اشتراكية تجسدت في أعمال كثيرة أرقاها رواية ( الياطر ) وميزت كاتب ( حكاية بحار ) وجعلت منه رمزاً بارزاً من رموز الكتابة الروائية العربية الحديثة ويمكن أن نقول الشيء ذاته بالنسبة إلى كتاب كثيرون مثل البشير خريف أو الطيب صالح أو الطاهر وغيرهم أنهم جميعاً أصوات متمايزة ومتواشجة ومتقاطعة في الوقت ذاته في اطار حركة أدبية بدأت مع الاربعينيات وهي مستمرة إلى الآن ، وبين هذه الأصوات الروائية المتمايزة تقف تجربة الشاعر والناقد جبرا إبراهيم جبرا تجسد قدرة فائقة على الخلق والابداع وتؤكد أن الابداع ممكن في اطار الثوابت الكبرى أنها روايات أربع ( السفينة ) و ( البحث عن وليد مسعود ) و ( الغرف الكبرى ) و ( يوميات سراب عفان ) تتواشج وتتباعد في آن واحد ولكنها معاً تبني انموذجاً سردياً خاصاً له جماليته هو أنموذج جبرا إبراهيم جبرا .

وظائف القناع :

لعل أهم وظائف القناع هو توفير الحماية لمن يكتب قصة حياته وحياة ذويه وأحبابه ، فمن شأن القناع أن يقيم حاجزاً بين الأحداث المروية وحياة المؤلف الحقيقية فيضمن له ولمن يحيطون به قدراً من الصيانة والشر يقيه ويقيهم من الافتضاح .

وعلى عكس السيرة الذاتية يمنح المتخيل الروائي الكاتب فضاء من الحرية وسيعاً ، وتتجاوز هذه الحرية النص لتتوسط علاقة الكاتب بالقارئ إذ تضمن الرواية للكاتب انفراده بوجوده التأريخي الشخصي في استقلال عن النص والقارئ ، فبفضل الراوي التخييلي يستطيع الروائي أن يخلق عالماً روائياً مشاكلاً للواقع دون أن يغطى إلى أن يبرر القارئ خياراته ويدافع عن مواقف شخصية إذ حمل الراوي عبء ذلك كله ، أما كاتب السيرة الذاتية فإن تعهده برواية قصة حياته الشخصية يجعله في نظر القارئ المسؤول الأول المباشر عن النص ومضمونه ، ذلك أنه قبل طوعاً أن يتحمل هذه المسؤولية وحده وأن يعرض شخصيته عارية أمام الجمهور مع أن كل ما يحف بهذا العرض من مخاطر وليس يعني ذلك طبعاً أن الرواية فضاء آمن من الرقابة يوفر الحماية الكاملة من سوء الفهم والاتهام ، فالواقع يكذب هذا الأمل الذي ينتظره الكاتب من الرواية ، وتأريخ كل من الروايتين الغربية والعربية معاً من ( فلوبير ) إلى ( نجيب محفوظ ) و ( حيدر حيدر ) مليء بأمثلة قاسية مما قد يتعرض له الروائي بسبب ما يكتب من المحاصرة والمحاكمة وحتى التحريض على القتل .

ومع ذلك فإن سخط السلطة الدينية أو النظام السياسي أو المجتمع ينصب على الروائي حيث يقترب من الدين أو السياسة أو الأخلاق بوصفه مبدعاً لأثر ادبي تخييلي يحسب له حساب في افساد المعتقد أو التأليب على صاحب السلطان أو نشر سوء الخلق ولا ينصب عليه بوصفه الممثل الواقعي للعالم الروائي التخييلي ، فإذا كان البطل في الرواية ملحداً فلا يعني أن الكاتب بالضرورة ملحداً وقد تمنع الرواية من التداول ولكن دون أن يحاسب الكاتب على عقيدته الدينية ، وإذا ما قام العالم الروائي على اختراق المحظور الديني والأخلاقي في ما يهم الجنس فقد تصادر الرواية حفاظاً على الأخلاق العامة ولكن لا يحاسب الكاتب بوصفه المخترق الحقيقي للأخلاق الآثم الفعلي في النص – فمهما تكون شدة الرقابة ومهما تكن قراءة السلطة أو المجتمع عدائية سطحية في ربطها وبين النص الروائي وصاحبه يظل المتخيل الروائي مع ذلك قادراً على أن يضمن مسافة فاصلة بين النص والواقع التأريخي وبين الشخصية الروائية وخالقها الكاتب وإذا ما حوسب الكاتب فإنما يحاسب لأنه خلق تلك الشخصية لا لأنه اعتقد ما اعتقدت في الرواية من آراء دينية أو تمرد مثلها على ما تمردت عليه من نظم سياسية أو اجتراح ما اجترحت هي من آثام أخلاقية وعاش ما عاشت من تجارب جنسية – فللرواية إذن مقدرة عالية على المباعدة بين النص وشخصية المؤلف وحماية حياته الخاصة ومواقفه الدينية والسياسية من التعري والافتضاح . وقد يصل هذا التباعد إلى حد التنافر التام بين الروائي وبطله وبين حياته وأحداث الرواية وليس ( بلزاك ) المنتصر للارستقراطيين في الواقع الساخر منهم في رواياته مثالاً فريداً على ذلك ، فلطالما انقلب الروائي في نصه على شخصيته الاجتماعية ليبتدع شخصيات بعيدة عنه ومال إلى رؤى للعالم غريبة عما عرف عنه في الواقع ، وما بالأمر النادر أن تشهد علاقة الكاتب بنظم المجتمع وموضوعاته وطابوهاته تحولاً جذرياً في الرواية فكثيراً من الكتّاب المتدينين المطمئنين إلى معتقداتهم أبدعوا شخصيات قلقة تنزع إلى التصادم مع الدين .

يبدو لنا أن تفسير اللجوء إلى الرواية بديلاً للسيرة الذاتية بطلب الحماية واتقاء المجتمع والاعراق والسلطة والنواميس مسألة في غاية النسبية ، فذلك يفترض أن الرواة لا يألون جهداً لاخفاء الكتاب واحاطة وجودهم بالسرية التامة ، إلاّ أن النصوص تخبرنا بما يناقض ذلك تماماً ، فلعل القناع الحقيقي هو ذاك الذي يضعه المؤلف قبل تخطي عتبة الكتابة الروائية وهو بين الناس صامتاً أو متحدثاً عن نفسه حديثاً كله مواربة وزيف وكذب ، أما لحظة الكتابة لحظة الاختفاء داخل التخيل فهي لحظة الصدق ونزع الأقنعة ، ولعل ما يبدو لنا في الوهلة الأولى ونحن نكشف أن الرواية رواية سير ذاتية تقنعاً وتقنية وطلباً للحماية ليس في الحقيقة غير وهم أدرجتنا فيه ألاعيب هذا الجنس الروائي ، وإذا ما خرجنا عن اطار الرواية السير ذاتية العربية ونظرنا في نظيرتها الغربية فهل يمكن لنا حقاً ونحن نقرأ ( آلام فيرتر ) لغوته و ( البحث في الزمن الضائع ) لبروست و ( صورة الفنان في شبابه ) لجيمس جويس أن نقرأ بأن هذه الروايات التي تعج بمعلومات مرجعية وافية عن مؤلفيها قد كتبت فقط بحثاً عن الأمان ومدارة للمجتمع ؟ تبدو الإجابة اميل إلى النفي فما كان لهؤلاء الكتّاب لو أرادوا مجرد الحماية فعلا أن يدعوا رواتهم يكشفونهم ويبالغون في الإشارة إليهم ، والأصوب عندنا أن القناع في الرواية السير ذاتية قناع مضاعف ذو طبقات بعضها فوق بعض فيعسر تبين الوجه الحقيقي ، إذ تقوم الرواية في المنطلق قناعاً للسيرة الذاتية ولكن ما أن نشرع مع الكاتب في ارتداء هذا القناع حتى نجده يحتوي قناعاً آخذ به ينزع السير ذاتي إلى طرد المتخيل الروائي باعثاً في القارئ الوهم .

والمهمة الثانية هي منح المؤلف فضاء للتحور والانعتاق من حدود ذاته الضيقة المعهودة المستنفذة اجتماعياً ليبعث كائناً جديداً وشخصاً آخر يقترب من الشخص الأول ويختلف عنه في ماضيه وطفولته وفي جسده وفي أعماق نفسه وفي صلاته بالآخرين أن القناع قادر على أن يحقق حلماً طالما راود الإنسان منذ القدم العلم بالتنكر والاختفاء وسط الناس على مرأى منهم ومسع والحلم باستعارة وجوه الأخوين وأصواتهم وملامحهم وأعمارهم وهل تقنع الروائي السير ذاتي وجه من وجوه تقنع القاص عامة ، ففعل القاص في جوهره فعل تقنع وحلول في الأخوين ويكفي أن نستحضر صورة الراوي الشفوي سواء أكان أباً يقص على ابنه حكاية أو جدة تروي لأحفادها قصص ألف ليلة وليلة أو راوياً شعبياً محترفاً يمتهن القصص فإنهم كلهم يعمدون كلما ظهرت في القصة شخصية جديدة إلى تقليدها في صوتها وملامحها وحركاتها .

والروائي السير ذاتي لا يكتفي بالاختفاء عن الآخرين بل يرغب في أن يختفي عن نفسه كذلك وينفصل عنها فينظر إليها عن بعد وتنظر إليه وكأنهما شخصان لا وحدة لهما ، فهو يرغب دائماً في أن يكون هو ذاته بطل الرواية وأن لا يكون في الوقت نفسه أن يهدي القراء إلى اكتشاف حضوره في العالم الروائي وأن يصدهم في الآن عينه عن مطالبته بأن يكون حضوره صريحاً لا لبس فيه ، كما هو الحال في أدب السيرة الذاتية وداخل هذه اللعبة يحتل القناع حجر الأساس فهو مقصود لذاته يسعى الكاتب إليه سعياً لما يوفر له القناع من إمكان تحرر وانعتاق من حدود الهوية الذاتية القائمة قبل الكتابة ، بخلق هوية جديدة في الكتابة ، وبالكتابة ، وبذلك فالقناع يعطي الرواية السير ذاتية خصوصيتها الجوهرية ويميزها من السيرة الذاتية .

وعد تضمين الكاتب العربي نصه الروائي عناصر من حياته الحقيقية مظهراً من مظاهر التقنع والتخفي وعلى هذا الأساس اعتبرت الرواية السير ذاتية العربية سيرة ذاتية مقنعة وقرأت روايات من قبيل ( إبراهيم الكاتب ) للمازني و ( سارة ) للعقاد و ( الحي اللاتيني ) لسهيل إدريس و ( التجليات ) للفيطاني و ( ثلاثة وجوه لبغداد ) لغالب هلسا وغيرها سيراً ذاتية مكبوتة مقموعة تتوكأ التخيل الروائي لتخفي ما عاشه الكتاب فعلاً لا رواتهم التخييليون ، فالمطمح هو تبيين تعدد وجوه هذه المسألة وتشابكها وتكشف أن القناع وإن كان يطلب للحماية فإن له القدرة على التعرية ودفع الكاتب إلى الاعتراف وحسن اكتشاف الذات .

النشيد الأول

قد صرح الكاتب باستخدامه أسلوب وتقنية القناع بشكل واضح ففي النشيد الأول من الرواية يذهب إلى القول ( لا علاقة للشبيه بالشكل … أنه يمكن أن يأتي في أي شيء وبصورة لا نتوقعها ، فحين نتحدث عن الشبيه يمكن أن نجد صخرة تشبه إنساناً ، أو شجرة بأغصانها وورقها المتشابك تبدو مثل امرأة مجنونة راح شعرها يتطاير مع الريح ، الشبيه يمكن أن يكون صوتاً يأتيك من بعيد ، بعيد جداً ، حيث تدرك فيما بعد أنه أنت نفسك ) .

والحق أن الكاتب قصي الشيخ عسكر قد استخدم أسلوباً رائعاً فعبر عن تقنية القناع في بداية روايته الذي سوف يتبناه في سرده الروائي فالقناع لا تحصى أشكاله أو صوره فالصخرة قد تكون إنساناً ، والشجرة ذات الأغصان المتشابكة قد تكون امرأة مجنونة تطاير شعرها من الريح ، وقد يكون صوتاً بعيداً فتدرك فيما بعد أنه صوتك كل هذه الصور تلبس قناعاً لما في الخفاء ، إنساناً يرتدي قناع صخرة ، وامرأة في تقنية القناع تكون شجرة متشابكة الاغصان ، وصوت في البداية اتنصل عن معرفته وهو يبدو صوتي ففعلاً أنها تقنية تضفي نوعاً من الجمال يستل منها الروائي قدرة خيالية ترقى بها مخيلته كمن يعلو به بساط الريح في فضاء الخيال الرحب ، وما أروع عنوان الرواية ( أما والشبيه ) الذي عبر عن تقنية القناع فهي بحق رواية تخللتها الأقنعة فكانت رواية الأقنعة بامتياز .

النشيد الثاني

قد أنسى فأعرف أن هناك الكثيرين يحملون اسماً مثل اسمي … لكني لم أرغب في أن أشبهه

الإنسان يولد بفطرته متحرراً من كل الانتماءات ، فهو متحرر من كل هذا التجاذب ، لكن هذه الانتماءات سواء كانت ، عناوين ، أسماء ، أو كانت انتماءات مذهبية دينية أو عرقية ، يكتبها الإنسان فيما بعد ، فهي لا تمت إلى فطرته ، فما أسعد الإنسان عندما يكون متحرراً ، أو يسعى ليكون حراً من كل تلك الشوائب ، فيكون ذهباً صافياً نفيساً ، فتكون أنفاسه صحية في شهيقها وزفيرها ، غير مشوبة بالميكروبات ، فيكون بدنه صحياً سليماً ، لقد كان الشبيه عند ولادته ، ورقة بيضاء ناصعة صافية ، لم تيسر عليها خطوط الأقلام أو أغبرة الزمان ، باكورة أغصان لم تميلها الرياح العاصفة أشرعة مطوية لم تفتح ، وسفن لم تبحر فتلاقي لطمات الأمواج الكاسرة ، أقداح ذهبية لم تقبلها الشفاه ، فهذا كله يدعو إلى عدم الخشية والخوف ، فهو فطرياً لا يميل إلى فئة أو طائفة ، أو تعصب لنوع أو عرق ، أنه لا يعرف سوى الحب الفطري للآخرين ، فهو مثال لأي إنسان نجى من عواصف العنصرية ، فالإنسان يولد هكذا ، ولكن سرعان ما يفرض الآخرون أحكاماً ، تنحدر به إلى حب الذات والتحزب ، والعنصرة لجماعة معينة ، أو العدوانية ضد الأعراق الأخرى ، وهذا كله يتعارض مع المبادئ العقلانية ، والمنطقية والإنسانية والأخلاقية ، ولقد عانت شخصية الرواية من الاسم الذي اختارته له جدته ، ولم تكن تعلم أن ما أحبته لحفيدها أخفى له المستقبل مودة ونفوراً لم تكن تريده له ، ولم يكن يريده لنفسه ، ولكن ذلك قضاء الزمن ، فيظهر إنساناً جباراً يقود الزمن عكس عقارب الساعة ، فيظهر نفوراً منه تارة ، وحباً إليه تارة أخرى ، ينصرف إلى اسمه ليس إليه لشخصه إنما لاسمه ، فينصرف هذا الشعور إلى شخصية الرواية التي لم تقدم على اقتراف ذنباً ما ، سوى أن اختارت له جدته هذا الاسم ، وتبين فيما بعد أنه طابق اسماً أطلق على أحد ولاة الأمر في عصره ، فبات كلما أراد الرعية الثناء لجلالته ، تحركت نظراتهم المجلة والثناء إلى شخص الرئيس ، فأتت لمحة من النظرات لتمس شخصية الشبيه فتعطرها عبقاً بالود والثناء ، وكلما أراد الرعية ابداء شعور النقمة والازدراء ، حتى ولو في كتمان نفوسهم الخفية ، فراحت نظراتهم الشازرة تطال صورة الرئيس بما تحويه هذه الشزرات من شعور بالغضب أو الكراهية أو تبجل أمجاده في الوطن والرعية ، أخذت شخصية الرواية حصتها من بعض تلك الشزرات والكل رغم أنه بات يعلم ليس هناك ما يدعو لكل هذا الشحذ والتعميم ، فشخص الرئيس ليس هو شخص الشبيه ، لكن يبدو هناك سراً قد أخفته النفوس ، لا يمكن إلاّ لأطباء النفوس كشفه وتبيان علله .

النشيد الثالث

بعض أسماء الأماكن تحمل عنفا ، قوة ، أو تدميراً ، والكسارة أنواع ، كسارة صخور ، وكسارة جوز ، والقلوب أيضاً تتكسر ، وأي خاطر في هذا العالم لم ينكسر مثل غصن غض ؟

هكذا بدأ الكاتب قصي الشيخ عسكر نشيده الثالث في إشارة إلى أن الأسماء قد تحمل في طياتها عنفاً وسلماً وشدة وضعفاً وخيراً وشراً وبذلك فقد كان على حق ، فالنفس الإنسانية ذاتها تحمل هذين النقيضين والتجرة العابقة بالخفرة والحياة تحمل أغصاناً أخرى يابسة ، فأراد الكاتب باسلوبه الحاذق في هذا النشيد أن يظهر للقارئ أن الشخصية التي عانت ( شخصية الشبيه ) مما طالها من احسان أو سوء بسبب اسم حملته ليس فعل جلبته ، فهي بذلك دعوة من الكاتب إلينا وإلى كل من يسمع أو يقرأ نشيده بأن نسعى إلى التفرقة والتمييز وأن لا نصاب بعمى الألوان ، فالألوان مختلفة احمر وأخضر وأزرق وأبيض وأسود وأنها كثر ولكنها يطلق عليها ألوان ولأحادها لون فلا يصح أن نعد كل تلك الألوان بأن تحمل ذات الوصف فالأحمر يؤمن إلى الحب أو شهداء الحب وخاصة القديس ( فالنتين ) الذي أخفى حياته من أجل ذلك وقد يكون رمزاً للحب والرومانسية إذ يعبر عن العواطف والمشاعر كما أنه يرمز إلى الدم الذي فيه الحياة وهو من بين الألوان جميعاً الذي يرمز فيه إلى الحياة .

واللون الأخضر الذي يدل على الطبيعة والصحة والنمو والمال والخصوبة والسلامة وهو اللون الذي يمنع توازناً بين القلب والعواطف ، أما اللون الأزرق فهو لون السماء والبصر ويرتبط بالحرية والأماكن المفتوحة والخيال والتوسع والالهام والحساسية فهو يشير إلى الحب للحياة وللمساحات الشاسعة وهو يمثل معنى العمق والثقة والولاء والإخلاص والحكمة والثقة والاستقرار والإيمان والذكاء ، واللون الأبيض يدل على مدى الصفاء والطهارة والنقاء فهو لون الهدوء والسلام والإخلاص والوفاء والنية الحسنة والصدق أما اللون الأسود فدلالة على الشر والحزن والسلطة والقوة ، إذن فلكل لون مدلوله ولا يتسنى لأحد أن يسعى إلى الخلط وعدم التمييز بين تلك المدلولات ، وكذا الحال كان يجب أن يتحلى من عامل الشبيه بمدلول الاسم فقط أن يتحلى بالواقعية فلا ينصاع إلى الدوافع النفسية في الشعور اللا واعي في اعالم اللا وعي ليمثلها في عالم الواقع عالم الوعي ، فأنا لست إنساناً قاسياً إنما كنت ( صداماً سامياً ) .

النشيد الرابع

لقد أبدى الشبيه نفوراً من كل من أوشاه أو أحبه لا لشخصه إنما لأنه حمل اسم الرئيس حتى كاد يطلق صوتاً ملأ الأفق أني احتج على كل ذلك فأنا لست هو وهو ليس أنا أنه مجرد اسم كباقي الأسماء لم أكن قد اقترفت ذنباً ولا جدتي لأنها لم تحمل في نيتها قصداً سيئاً عندما أسمتني وإذا خلا القصد من الفعل السيء أصبح الفعل بلا قصد يسوئه فتبرأ السريرة .

لكنه بدأ صلد قوي الإرادة لا يعرف الاستسلام أو التراجع أنه عاشق لأفكار ومبادئ مؤمن بها تصالح مع نفسه وتصالحت نفسه معه أنه لا يعبئ بجسامة المعاناة وما يلقاه من الآخرين ، ينئى بنفسه عن الأحقاد ، فينقي أحشائه بدواء حب الآخرين .

النشيد الخامس

نحلم ، رواد احلامنا لعلها حين نصحو تكون خيراً ، أما السلام والغصن والرحيل ، فإنها أسماء شغلت فكر الطائر ، أنها محطات حكى فيها قصصه ، أنها أرجوزة تغنى بها في مسيرته فحلق في الأجواء نشر جناحه مخاطباً أني أنا السلام فأحبوني وعندما أوصل خطابه أراد أن يستلقي ليعاود التقاط أنفاسه فأراد وأطرق غصناً في أعلى الأشجار أنه قد أطرق اماناً وسلاماً ليس إلاّ ، فبنى عشاً من حثيث الأشجار ، وعندما أحس أنه أراد دفئاً ، فقرر عندها أن يصحب الأزمان ، فينشر جناحه على خارطة الأزمان ، وكل نسمة تخرق أنامل البنان ، كلحن الأحزان ، تفتش عن نظيرها البعيد ، في ألم جديد ، حاكمها الزمن ، في عقارب الساعات ، وهرم الهمسات ، يؤجج الشجن .

النشيد السادس

بدأ الكاتب في هذا النشيد يسلط الضوء على مرحلة من حياة صاحب السيرة التي كان يحيى فيها فخوراً باسمه الذي هو اسم الولي سيد ( صدام ) السيد ( صروط ) الذي كان يختلج قلوب أهل القرية فكان في هذه الحقبة من حياته يشعر بالارتياح والطمأنينة التي أسديت إليه من كل محبي هذا الولي فيتبركون بكل اسم شابهه ، فكان صاحب السيرة يحيى في ظل احتضان عائلته التي أشغلت فكرها في رسم الطريق لمستقبله هل يكون رجل دين أو قاضياً أم يكمل دراسته وفيما بعد تحدد خطوته المباركة المستقبلية .

لم تضع كل تلك الأفكار حداً لهواجسه ومخاوفه في عالم اليقظة والمواجهة والحقيقة ، بل تواصلت سلسلة حياته ونقله من عالم التخطيط والتفكير إلى عالم فسيح مليء بالأحداث والقصص لما كان يلتمسه عبر انتقالاته من حالة إلى حالة ومن مرحلة إلى مرحلة ، فكانت تلك المراحل مجسدة صور وتعابير تدور حول نقطة معينة نمت في داخله منذ صغره تسللت من عالم الوعي واللاوعي في ثنايا نفس الشبيه معاني في قلب شاعر يريد أن يشعر الآخرين بها ، كفاح من أجل قيم يراها سامية عالية رافقت مسيرته في حياته ، تقود إلى خلود الأفعال وطهارة صانعيها ، بطل من جبابرة الرحمة والبر لا جبابرة الأفعال القذرة الشريرة الشرسة ، فكان اسمه ذو ثلاث مشاهد ومعاني .

النشيد السابع

ذلك هو الوشع ، وقد يزول ويترك أثراً .

يلصق نفسه بأي مكان من الجسد ولي معه حكاية طويلة ويبدو أن أخ صاحب السيرة قد خالف العرف الاجتماعي في هذه المرة الذي يقول ( كُلّ ما أنت تشتهيه ولكن ارتدي ما يعجب الناس ) ويبدو هنا أن السلطة قد حلت محل المجتمع فلم يعجبها هذا الوشم رغم أنه موشوم على جسده لا جسدهم فعدته مخالفة ترمي بصاحبها إلى الاعتقال والعقاب ، فلم يستطيع أحمد أن يتباهى بشباب عضلاته ووشمها فقد دفع ضريبة ، في ذلك فشوه وشمه ، وصرخ من شدة ألمه ، فماء النار تسري كالهشيم في موضع الوشم ، يفنى ولا يغنى ظل ساطعاً بملامحه الخلابة . وإن كان مخيفاً أو مخفياً ، ولقى من كل هذا ألماً وعذاباً ، فكانت الدقائق ثقيلة المرور في الساعات والساعات ثقيلة المرور في تلك الليلة ، أخذ الرعب الذي حل بالأخوين يتلاشى شيئاً فشيئاً ، بعد أن خرجا من مقر الحرس القومي وزال الخطر المحدق بزوال صورة الزعيم واستبدالها بوشم ، وما هي إلاّ هنيهات حتى أخذ الليل يسحب أثوابه ليرتدي الصباح حلته ، عند ذاك أدرك الأخوين أن الخطر قد خفت حدته ، لقد أنهكهم هذا الاستدعاء ولحظاته المليئة بالرعب ، أما الحرس القومي فكعادة فظلوا في حالة من التأهب والحراسة والمراقبة فالانذار جيم مازال يسري ، والتأهب للحالة القصوى يسري في الأبدان .

النشيد الثامن

لقد استهوت صاحب السيرة فكرة الانصياع لما تمليه عليه نفسه من انجذاب لعبق النسيم الآتي من شعر فتاة لا زالت في بداية انوثتها فبادر عاشقاً وما أن أباح بخلجات نفسه التواقة إليها فبادرته إلى اقتياده إلى أعواد الجلاد .

فما أقساه من حكم وما أروعه من عشق عندما يطلق ازيزه بكلمات تحمل البراءة والخيال وتحمل الورد والياسمين لتقف في مشارف أشجار الاثل حيث يمر موكب الحبيبة هناك ، فيطلق كلمات رحيبة كان يأمل فيها أن تكون مدعاة للمقبولية وموضع للإعجاب ولكن الشزرات كانت في الظاهر هي الإجابة لينتهي كل ذلك في مركز الشرطة الذي لا يعرف إلاّ لغة الفلقة لا لغة الحب المرقرقة .

فشتان بين اثنين حب ضد الكراهية ، ينبع من المشاعر الصادقة فيربي المرء من الصدق والخصال النبيلة العالية بالمرتبة السامية بالمعاني الكبيرة بالمباني الحميدة ، بالصنائع الكريمة بالمنابع الزاكية بالنفوس الطيبة ، بالنسم الصحيحة المسدلة الأنوار الصافية السارة النظر ، محررة من جاب أغوارها مكارم اخلاق رفيعة المنازل .

النشيد التاسع

قد يجعل تشابه الأسماء مشكلة تطارد صاحب السيرة ، وخاصة عندما يكون المعني به صاحب النفوذ والسلطة السيد الرئيس فما عساه أن يفعل أن وقعت صورته دون قصد وإنما بسبب الرياح هتف الكل انقذوا صورة الرئيس فمكانها الذرى وليس الثرى ولا يهم الهاتف إن كانت صورة الرئيس أم صورة الشبيه وإن أراد أحد الأصدقاء أن يمازح الشبيه فعليه أن لا يذكر اسمه فأسمه اسم الرئيس ودائماً ينبغي أن ترافقه الرفعة والغبطة والكبرياء ، فماذا عساه أن يفعل هل يتخلى عن صداقة الشبيه لأنها باتت توحي بالحذر وتوجب الرسمية أم يتناسى تواضعه وتواضع الشبيه وبساطتهم فهو بالتالي ليس رئيساً إنما شبيهاً .

لقد كان هذا الإحساس يخترق مشاعره العميقة كرياح باردة تغسل بريق الأشجار في موسم السموم كان بريق هذه المشاعر والخلجات المكبوتة في نفسه كبريق السماء في ليل دامس يضيء الطريق ، نور حقيقي يملئ الأجواء ، ليس دخان يغمس العيون دموعاً ، والقلال صحيحة الاستنجاء في الدلالة على الممرات الآمنة الحقيقية نقيضة السراب .

النشيد العاشر

الكنى تقصد تعظيم المكنى وتوقيره فقد كرهت الأنفس على كراهة خطابها بأسمها ومشافهتها ، والكنى لم تخلو عن نكتة وسر في وضعها ، وقد يكنى الرجل بأكبر أولاده أو بأشهرهم أو بأحبهم إليه ، وقد أخفى المجتمع على صاحب السيرة كنية ارتضاها له لأنها كنية الرئيس الذي تشابه اسمه مع اسمه فتبعته كنيته ولم يعد الشبه مقتصراً على الاسم فقط وإنما كنيته فبات الشبيه أكثر قرباً وأقرب صورة من السيد الرئيس .

فالشعور بالود والمحبة تلقي النفس الحاضنة للاسم حباً للحياة وفهماً لمعنى أغوارها وحساً بعبير نسيم ازهارها نفس طيبة تتلقى نفحات حسنة زهرية في الأرض قمرية في السماء تحتضن الكون كله ، فتتسع له بحلاوتها وطلاوتها وبعد نظراتها وسمو ربانها وكل ذلك يدعوها ليس فقط إلى الخوف على نفسها وما تحمله كنهها من مشاعر راقية حساسة الأنامل جذابة الملتقى ، وإنما ذلك يصحبها إلى الخشية والحرص على الآخرين ، وإن كانوا ليسوا مما حملوا شيء مما حملت نفوسهم ، فالقلوب الملئ بعطر المودة يتسع عبقها إلى قلوب الآخرين أملاً في تجلي صورتها في صور تلك القوارب ، وعبق نسيمها لا يحصى في قلبها بل يصل مداه إلى القلوب الأخرى فطوبى لها من قلوب وطوبى لها محاسن .

النشيد الحادي عشر

إن الشاعر صاحب السيرة ( الشبيه ) يؤمن بأن الشعر سلاح ، والشاعر الراقي هو من يتميز بالحكمة فيطوع الكلمات والأبيات والقصيدة حيث الزمان والمكان ولقد كتب التأريخ أسماء شعراء كثر ولو بحثنا في محرك البحث ( كوكل ) عن اسم أفضل شاعر شهده التأريخ لذكر لنا أسماء عديدة ، لكن لو سألنا من هو شاعر الثورة الاسباني لأجابنا ( لوركا ) ولو سألناه من هو الشاعر الذي أهان الحكام لأجبنا مظفر النواب ، ومن المؤسف أن نتكلم عن الشعر والسلطة في آن واحد لطالما كان الشعراء يوجهون النقد اللاذع للسلطات الفاسدة وللأنظمة المستبدة بمختلف توجهاتها ، كان الشعر يترجم الآلام التي تحفرها السياط على ظهور المظلومين ، والشعر قد يكون منقذاً عندما لا يفقه الحوار ، فينطق الشاعر قصيدته التي يظنها أنها القصيدة الأخيرة فتستجيب اللحظات وتنقذ تلك الكلمات شاعرها .، الموصد بر سيف الكلمات لقد أفصح صاحب السيرة عن موروثه الشعري عند طفولته حيث كان عمه غضبان قد علمه الشعر وأطرق مسامعه بقصائد عنترة بن شداد وأمرئ القيس وطرفة بن العبد وزهير بن أبي سلمى فكان يحفظ أبيات من القصائد الطويلة حتى وأن كان لا يعي معناها فتداخل الماضي بالحاضر عند نظم قصائده .

النشيد الثاني عشر

لم يتردد الفتى الجنوبي ولاحقت عيناه عينيها ، ( ناهدة ) الفتاة الرشيقة البيضاء التي خفق قلبها له ، مثلما خفق قلبه لها ، هو الحب يقرع أبواب الدنيا ، فلتغن الطيور ، ولترقص الأشجار ، ثم ليهب النسيم دائماً ، وقد ظن أن الهواء يهب نسيماً ، أنه أشبه بعرض مسرحي ، رواده موجات الريح وقطرات المطر ، والظلمة الناجمة عن انحجاب أشعة الشمس ، كأنها ستان لمسرح ، قدم رواده عرضاً لتراجيديا الحب ، فوثقو في تلك اللحظات صور ، تمايلت فيها القوارب ، وارتجفت فيها أشرعتها ، فعلت القوارب الأمواج المتلاطمة المتمايلة ، المنخفضة مساطحها المرتفعة ، اقواسها أعلام بانت للنائي وبجلت للداني ، وتزايدت قبلات تلو قبلات ، لموجات الريح وأمواج البحر ، عناق ساخن زاد شوقه ، فراق هنيهات من الزمن الراحل ، وباركته قطرات المطر ، التي ما فتئت أن تنشر عبقها المشبع بالنسيم ، وعطر الأرجوان ، تنشر الورد على رؤوس العشاق ، في عناقها اللهيف ، فخجلت واستحت تلك اللحظات ، ثم اسدل الزمن سحابه ، ليخفي شيئاً من الظلمة ، مخاطباً خيوط الشمس الذهبية ، رويدك أيتها العظيمة ، يا فاضحة القبلات ومعلنة السرائر ، دعي العناق يبلغ محله ، في نشوة فاها ، في سديمه المتأمل لها ، عرضاً لتراجيديا الحب ، كستها تلك اللحظات صور بهيجة ، تحسها الأنامل والشفاه ، يغور لها الزمن في موسيقى دافئة ، تمنح الأمان ، أوتارها أصوات الريح ، وسقطات المطر البلورية ، وتلاطم الأمواج في بريق ظلمة السماء ، بأن للعيان فضاؤه .

وبعد أن شبّ شبابه وقوى عوده وانفتح لبابه ارتحل صاحب السيرة فغادر مدينته البصرة إلى العاصمة بغداد ليواصل تعليمه ، وهو برحلته هذه لا يعلم أين تحط رحاله فهو حديث العهد بتلك المدينة الساحرة لم يعهد من قبل أن سكن فيها أو حتى قد زارها ، فكان تصنيف الكومبيوتر لقبوله في معهد البيطرة في بغداد هو اختيار المتاعب أو التجارب كي يصبح شاباً ذو تجربة وإن كانت لها من السيرة والذكرى الحزينة مأخذاً في نفسه ، لقد صدم بلقاء فتاة صابئية اسمها ( ناهدة ) فأخذه الخيال إلى عالم الرومانسية والحب جعله كطائر يعلو أزهار وأشجار وأنهار تلك المدينة لا أحد يرافقه فيها سوى عشيقته ناهدة فهو لا يقوى أن يرى أحداً غيرها ، لقد أخذ حتى صاحب السيرة محباً بعذرية الحب الحقيقي فراح كي يضمن استمرار حلمه الرومانسي طالباً يدها من أبيها الشيخ المندائي الذي قابله بلطف لكنه لم ينسى أن في داخله حاجز ديني فافشى ما بداخله وصرح بعد صمته ولكن صاحب السيرة قد أفشى عن شيئين قد آمن بهما فأطرقتهما نفسه ووجدانه ، فهو قد أباح بحبه العذري ( لناهدة ) وأفصح عن بعده عن المسميات الدينية بقوله نحن أولاً آدم وحواء .

النشيد الثالث عشر

سنتان أخريان ، ضم النظام فتح النظام ، تنكب صلاح ، استعد ، استرح ، في المعسكر أنها مرحلة العسكرة والتدريب والاستعداد للمواجهة الشبيه يجبر لارتداء الزي العسكري ، الإنذار ( جيم ) للتأهب للحالة القصوى ، أذيع في اللحظة الأولى في البيان الرسمي الأول ، في أول يوم من الأيام ، استمر وما زال حتى الآن ، أزيز الطيران الحربي يعلو ، يرسم خارطة الرعب للإنسان ، ما هذا ؟ ماذا يحدث ؟ من هو العدو في تلك الأيام ؟ أنه عدو الثورة والسلطان ، أنه شبح لم يظهر بعد ، أو قد يكون الشعب الرافض للخذلان ، أن ظهر لا تقلقوا ، سنعلمكم بملحق البيان ، أبقوا معنا ، أننا ساهرون لم ننام ، بانتظار العدوان ، الإنذار ( جيم ) ما زال يسري ، وحتى وإن لم يكن هناك عدوان ، وإن لم يكن هناك حقاً ، احرسوا قلاع السلطان ، كلوا السقم والعذاب والحرمان ، وسارت عربة الزمان ، يهرول معها الحادي والبادي ، منذ تلك الأعوام ، وجاء البيان اللاحق ، الرئيس يعلن ( الفرهود ) في كل مكان ، لأي تاجر أو بقال لم يمنح اتباع الثورة ، ما ملك من ثمين الأوزان ، أو جار لم يتجسس لحب الثورة ، على اخوانه الجيران ، ثم جاء بعده بيان قطع الآذان ، وجاءت ضحية تقودها ( سستر ) لطبيب أحب فكرة التجميل للآذان ، استهوته تلك الفكرة ، فخاطب الضحية يا ولدي ، أن أذانك صوانها جميل ، وأنت جئت لميدان طبي مجبراً ، دعني أخدمك وأخدم البلاد ، فقطع أذنك مكرمة من قائدك الجلاد ، فكرة ذهبية من فكرة الرشيد ، فقال له الضحية يا طبيب ، أأنت تهزل أم أنت طبيب المهزلة ، إلى الله ربي أشكو هذه المظلمة ، أما التلفاز فبقى مسخراً لخطب البهلوان ، يثرثر دوماً ، ينعق ، صوت الغربان ، والرفيق الحزبي منحه صكاً مفتوحاً دون رصيد لإجازة القتل والابادة لصوت الحرية في كل مكان وأجهزة تقمع هواجس جاشت في فكر الإنسان الأمن ، المخابرات ، وأجهزة أخرى لم تظهر بعد للعيان ، وسجون غير مرئية ، مغارات خرافية ، وأعمار قضت في التجنيد الجبري ، لحرب مفتوحة بلا حدود ولا زمان ، بلا هدف أو مبدأ سام لعدو وهمي ، أو أشباح من الجان ، وبعد حين احتفلنا بأعياد الميلاد ، لعام جديد وانصرام تلك الأعوام ، فسمعنا لأول لحظة موجز أخبار اليوم ، استهل المذيع النشرة ، بألف تحية من الرئيس إلى الرعية ورسائل تبادل الشكر والعرفان مع رؤساء البلدان ، ثم تلتها أخبار النقمة ، تفجيرات وعبوات ، وهجوم على الثكنات ، ثكنات الجيش ، ثم ختمها بإعلان ، الرئيس يتوعد ، ينذر ، أين تذهبون يا فئران ، تخبط وتلعثم ، وجاء يهذي كالسكران ، سوف انتقم ، حتى أن دعتني تلك الحالة ، سأكون جرذياً كبيراً ، انتقم من تلك الفئران ، أو سوف أحمل سيفاً اسطورياً ، أحلم بأني نابليون ، لأجوب الأقطار والأمصار ، وإن لم يكن ذلك ، سوف أكون إنسان ( نياندرتال ) ، أظفر بصيد الغزلان ، سوف أبذل جهداً غير مسبوق بعد الآن ، سوف أبقى أميراً مطلقاً على الإمارة ، ولو على حجارة .

النشيد الرابع عشر

لقد كان الأثر الذي تركته قصة الفتاة المندائية ( ناهدة ) أثره الواضح في حياة صاحب السيرة فكان شارد الذهن وقد أحست والدته بهذا الهاجس الذي ينتابه ليلاً ونهاراً ، فمخيلتها لا تفارقه وأصبح كجرح نازف لا ضماد يبلسمه سوى توجعاته وآلامه التي ما فارقته طيلة عودته من بغداد فأصبح الشاب الجنوبي يرسل عتاباً مع الطيور المغادرة أرضه عندما تحلق مغادرة فوق العاصمة إلى حيث تقصد في مداها وترتجي ويشم عبق النسمات القادمة من أرض الحبيبة إلى أرض الجنوب فيتهجس شوقاً فيعطى أنينه شعراً لعله يطفئ ما ألم به من ألم الفراق والحنين ، إلاّ أن الأيام قد أرتضت له ما يرتضيه من قصة جديدة تبعث في نفسه أملاً فحباً جديداً أنها الفتاة المهذبة المثقفة وكأنها أرسلتها الأيام إلى صاحب السيرة فيرسي قاربها في مينائه ، فكانت بحق حكيمة أضمدت جرحه ، فأصبحا كنجوم متلألئة في ليل بهيم ، هم كأزهار تملئ النسيم بعطرها ، وحمامة سلام يبغي الزمان اصطيادها بنبال الأحقاد ، يعاملونه بالنبل فيواجههم الزمن بنباله ، فشتان بينهما من مفارقة .

النشيد الخامس عشر

لم تنتهِ معاناة صاحب السيرة ولم تتوقف عند حد المشاعر التي طالته من فراق الحبيبة المندائية ، فله في فراق الأحبة وجعاً وألم لا ينتهي ، فالفراق هو الموت الصغير ، وهنا في هذا النشيد يصاحب صاحب السيرة أخيه سامي إلى الحدود الكويتية كي يقدمه قرباناً لهذا الموت الصغير الذي ما لبثت أن كان موتاً حقيقياً كبيراً بعد وفاة شقيقة في الغربة هناك ، فما لذة الحياة بعد فقدان الأحبة كم هو مؤلم فراق الأحبة وما أصعب العيون حين تنظر مودعة فتختلط المشاعر بالبكاء والأنين ويحترق القلب حسرة وألم حتى يشل اللسان فيمنع الكلام من الإباحة فتختنق النفس فما تدري ماذا تفعل ففراق الأحبة في ظاهره دموع وأحزان وفي باطنه كأن عضو من جسدك قد اقتلع منك ، فلا شيء أوجع من بكاء الروح على فراق الأحبة وشوقها إلى من رحلوا ، حين الفراق يتمنى صاحب السيرة أن هناك سوقاً يبيع السنين فيعيد القلوب ويحيي الحنين ، لقد حضرت اسمه في الفكر والوجدان ، وحفظت رسمه في القلب والأشجار وستبقى ذكراه النور الذي استمد منه الحياة .

النشيد السادس عشر

السيد الرئيس الباحث عن الخلود ، أراد زمن لا تحده حدود ، فأطرق قائداً غازياً محتلاً ، يبغي ما تمليه نفسه الجبارة عليه ، أنه يرى كل شيء ينقاد إليه ، فالجند أعداد وعدة ، والشعب يهتف بمجده ، ويهزج في العراء وفي التلفاز ، بالروح تصيح السيد الرئيس ، أولاً وأخيراً ، نحن نحيا بظله ، وفي ظل مكارمه ، أن ملائنا أنفاسنا بنسم قادمة ، فهي مكرمة ، أن غرفنا من ماء الجدول ، فهي مكرمة ، أن أكلنا كسرة خبز فهي مكرمة ، ما أكثر المكارم في زمن السيد الرئيس ، أما الشبيه فقد طاله من كل ذلك ، منقمة ، أنه اسم ليس إلاّ لكن من يفهمه .

النشيد السابع عشر

وبعد أن حل الدمار بالبلاد أراد صاحب السيرة أن يبحث عن ملاذاً آمناً هو وأفراد أسرته فقصد كربلاء المقدسة إلاّ هذه المدينة تشكل أساساً للمسرحية الفاجعة ، فكربلاء أصبحت مسرحاً للمأساة الأليمة التي أسفرت عن استشهاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) لقد شاهد صاحب السيرة أن المسرحية الأولى قد تكررت ثانية ففي الأولى حدثت فظائع ومآسي صارت فيما بعد أساساً لحزن عميق في اليوم العاشر من شهر محرم من كل عام فلقد أحاط الأعداء في المعركة بالحسين وأتباعه فقاد الحسين ( عليه السلام ) أصحابه إلى الموت وهو يمسك بيده سيفاً وباليد الأخرى القرآن فما كان من رجال يزيد إلاّ أن وقفوا بعيداً وصوبوا نبالهم فأمطروهم بها فسقطوا الواحد بعد الآخر ولم يبق غير الحسين وحده واشترك ثلاثة وثلاثون من رجال بني أمية بضربة سيف أو سهم في قتله ووطأ اعداؤه جسده وقطعوا رأسه ، وما أن عاد صاحب السيرة إلى هذه الأرض طالباً الأمن استقبله رجال أمن النظام وأخذوا يسألونه ويحققون معه وكأنه يستحضر في مخيلته ما دار في هذه الأرض .

النشيد الثامن عشر

ماذا يحدث لك حين يبتلعك حوت … يغطي الظلام عينيك ، تحسن أنك حي ولا تحسن ، وتدرك بعدئذ أن الحوت تعجل فالتهمك ولم تطحنك أسنانه وفي هذا النشيد يستذكر الراوي قصة النبي يونس ( عليه السلام ) الذي خرج من نينوى وأقبل على قوم وركب معهم سفينتهم فلما وصلت بهم جميعاً إلى عرض البحر تمايلت السفينة واضطربت واهتزت فلم يجدوا سبيلاً للخلاص إلاّ أن يلقوا بأحدهم في البحر تخفيفاً للحمل ، فاقترعوا على من يلقى بنفسه في البحر فخرج سهم يونس ( عليه السلام ) ، فلما التمسوا فيه الخير والصلاح لم يحبذوا أن يلقي بنفسه في البحر فأعادوا القرعة ثلاث مرات وكان يخرج سهم يونس ( عليه السلام ) وظن أن الله سبحانه وتعالى سينجيه من الغرق وبالفعل فقد أقبل عليه حوت ارسله الله تعالى فالتقمه ، ولما صار يونس في بطن الحوت ظن أنه مات لكنه حرك يديه وساقيه فتحرك فسجد لله تعالى شاكراً له بأن حفظه ، ونجاه ، فلم تكسر له يد ولا رجل ولم يصبحه مكروه وبقى في بطن الحوت ثلاثة أيام وسمع فيها أصوات غريبة لم يسمعها ، فأوحى الله تعالى له أنها تسبيح مخلوقات البحر فأقبل هو أيضاً يسبح الله تعالى قائلاً ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ ثم بعد ذلك أمر الله تعالى الحوت فقذف به على اليابسة وأثبتت عليه شجرة يقطين يستظل بها ويأكل من ثمرها حتى نجاة .

النشيد التاسع عشر

إن المسيرة الطويلة التي عاشها صاحب السيرة في كنف عائلته ( زوجته أم عدي وأولاده ) التي حققت له الطمأنينة والاستقرار وحقق هو كذلك ما يتمناه كل أب لأولاده فبات أبناؤه في مراحل متقدمة من التحصيل العلمي فكانوا أطباء ومهندسين وبعد أن عاشوا ظروف متنوعة مختلفة الأطوار تتقلب من حال إلى حال ومن أين تبتدأ الحكاية هل من الحرب العراقية الإيرانية والقصف المدفعي الإيراني الذي طال مدينة التنومة أم الحصار الاقتصادي الشاق أم حرب الخليج وما تبعها من انتفاضة أم من الحرب الثانية وسقوط نظام الحكم وما لقاه الشبيه من نفور من الاسم الذي كان محل افتخار وأهازيج واشعار في عهد ذلك النظام ، لقد باتت تلك المفارقات الموجعة تولد بما فيه الكفاية من المشقة سواء في الداخل الذي يحياه الشبيه ، فنفسه لا تلتمس الأمان ولا تشعر بالمدى الذي يتطلب أن تحياه النفوس في هذا العالم الرحب أما في الحياة الجديدة وتغير الأيديولوجيات سواء الاجتماعية أو السلطوية فقد أضفت عليه بلا شك معاناة لا يحسد عليها وكل ذلك لا لذنباً اقترفه إنما لاسم اطلقته عليه جدته التي كانت تتبرك باسم المولى السيد ( صدام صروط ) فهنا كانت البداية ولكن النهاية مختلفة جداً ، وقد زاد الطين بلة أن أطرق الموت شعابه الذي طال شريكة حياة الشبيه فأخذ يستذكر كل هذه الأحداث في مسيرتهم الزوجية ، فقد تركته وغادرت إلى عالم اللاعودة في رحاب الرحمن الذي أرادة أن تحظى برحمته فهي الانسانة المتدينة صاحب المجالس الدينية الإيمانية فطوبى لها .

شاهد أيضاً

قـراءة فـي روايـة فـرانكشتاين  في بغـداد )) للروائي احمـد سـعـداوي

كتب : جمـال  عـابـد فتـاح ـ العراق هذه الرواية من طباعة منشورات الجمل / بيروت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.