كتب : فلاح السوداني _العراق
العراق بلد الطوائف و الاديان السماوية والغير سماوية التي يعود تاريخها الى آلاف السنين ما قبل الميلاد “حيث امتاز بالتعايش السلمي والتنوع الديني الذي يسود بلاد الرافدين” أو بلاد مابين النهرين بالآرامية: بين نهرين “وتعني “بلد النهرين” بالإغريقية” ميسوپوتاميا” بمعنى ما بين النهرين هي منطقة جغرافية تاريخية تقع في جنوب غرب آسيا “تعد من أولى المراكز الحضارية في العالم” وهي تقع حاليًا في العراق “ما بين نهري دجلة والفرات” وأشهر حضاراتها هي حضارة سومر وأكد وبابل وأشور وكلدان وماري” والتي نشأت من العراق ” نتحدث عن واحدة من تلك الطوائف
التي يطلق اسم الكاكائية على الموجدين من أتباع هذه الطائفة في العراق فقط، أما التسمية الرسمية للديانة فهي “اليارسانية” ومعناها “عشاق الخالق”
في إيران، يطلق على أتباع الديانة اليارسانية “أصحاب الحق”، في حين يطلق عليهم في أفغانستان وباكستان “الزكرية” وفي الهند “سربستية” وفي تركيا “هلاويين ” وسميت الكاكائية نسبة الى كلمة (كاكه) الكردية و تعني “الأخ الأكبر” و بهذا تكون الترجمة الحرفية لكلمة الكاكائية، “الأخية”.الكاكائية ” يتواجد الكاكائين في منطقة كركوك في شمال العراق ” وعلى ضفاف نهر الزاب الكبير في منطقة الحدودالعراقية الإيرانية ومندلي وخانقين وبعقوبة في محافظة ديالى”و جلولاء و هولير و السليمانية و هورامان وتلعفر “و كذلك في كردستان الشرقية” في قصر شيرين و صحنة و كرماشان و سربيل زهاو و كذلك في أربيل و الموصل وبغداد،”وتقدر أعدادهم في العراق بأكثر من ٢٥٠ الف نسمة “وهي ليست دينا أو مذهبا خاصا ولكنهاخليط من الأديان والمذاهب “ان الكاكائية طائفة دينية غير معترف بها يتواجدون في العراق وايران ” تعود هذه الطائفة الى اكثر ٥٠٠٠ عام” اول تاصيل رسمي معروف لها كان في القرن الرابع عشر ميلادي وتعد من الديانات التوحيدية “يمارسون طقوسهم وعباداتهم في اي مكان وزمان وليس لهم مكان خاص لاقامتها “يخضع الزواج في الطائفة الكاكائية الى قانون المدني في العراق” ويمنع تعدد الزوجات “ويرفض الطلاق الى اذا كان برضا الطرفين “ويحرمون الخمر “يتميزون بالشارب الطويل ويحافظون على استماريته” ويحرمون حلاقته ويعتقدون انهم يتوارثونه من الامام علي نفسه “يؤمنون بتناسخ الارواح ولا يؤمنون بعذاب القبر “ولا يلعنون اي من المخلوقات ” ومن بينها الشيطان ” تواجه الطائفة الكاكائية مشاكل عديدة “في ايران يجبرون على حلق شواربهم اثناء الالتحاق بالجيش “لايتم التعامل معهم بوصفهم ديانة خاصة في العراق وايران ” لايتمكنون من تسجيل مواليدهم على انهم كاكائيون “ممنوعون من بناء دور للعبادة ” ولايستطيعون تشيع الجنائز وفقا لعقيدتهم “ولايسمح لهم بطباعة كتابهم المقدس ” الصلواة الكاكائية “صلاة موسيقية” هي تسبيحات خاصة تؤدي مع الالات الموسيقة وتشترك في اقامتها النساء ويعتقد أهل الحق الكاكائية أن الخالق على مر الزمن يتجلى بسبعة اشخاص وتكتمل بالامام المهدي “الدور رقم أربعة هو السلطان إسحق البرزنجي مؤسس الديانة في القرن الرابع عشر، وخمسة هو المسيح وستة هو الإمام علي، ويعتقدون أن الإمام المهدي سيأتي لإتمام الأدوار السبعة “الطائفة الكاكائية هي امتداد لديانة الميثرائية القديمة” ديانة توحيديةتؤمن بوحدة الخالق لها اركان اربعة الطاهرة الصدق الترقية بالذات التسامح لذلك يتعايشون مع كل الاديان بناء على مبدئهم “
يذكر ان الكاكائية ” صوفية روحية عرفانية ظهرت إلى الوجود على يد الشيخ سلطان اسحاق بن الشيخ عيسى البرزنجي المولود سنة 671 للهجرة. وسلطان اسحاق هو مؤسس ومجدد هذه الطريقة الصوفية الذي اوجدها المتصوف بهلول في القرن الثاني و شاه خوشين في القرن الرابع “وكلمة يارسانية هي التسمية الاخرى للكاكية وتتشكل من ( يار ) و( سان ) في الكردية والفارسية” وتعني الأولى صديق أو محبوب، اما الأخرى فتعني الشاه أو السلطان،”فيكون الكاكائيون من أتباع أو محسوبي سلطان إسحاق” حدثتي الناشط المدني رئيس منظمة ميثرا للتنمية والثقافة الياسارانية رجب عاصي كاكيي “العادات والتقاليد والاعياد ولمناسبات عند الكاكائية هي نفس العادات والتقاليد الكورد كونهم قوميا كورد ولكن دينهم يختلف عن بقية الكورد، ولديهم ثلاثة اعياد “
عيد (خاوند كار) صاحب الخلق يصادف نهاية الخريف وتٲتي هذا العيد بعد ثلاثة ايام من الصيام
وعيد (قولتاس) عهد السماء يصادف منتصف اربعينية الشتاء وتٲتي بعد ثلاثة ايام من الصيام .
وعيد نوروز وهو يوم ميلاد حضرة (سلطان اسحاق) محدث الديانة وتحدث عن سنة ظهر الكاكائيون ومن الديانات القريبة عليهم وماذا يعبدون “الكاكائيه (یارسان) هي ديانة ازلية منذ نشٲة الكون حسب ما مذكور داخل النصوص المقدسة للدين ويتطابق مع الديانة الايزيدية في الكثير من المراسيم واسس العقائدية منها الايمان بوحدانية الخالق والايمان بجميع الرسل والانبياء وكذلك الايمان بتناسخ الارواح (الادوار والاكوار) .
كما وذكر اسماء معابدهم والمقامات المقدسة واين مواقعها ” المقامات المقدسة هي ” مرقد حضرة سلطان اسحاق في منطقة (نوسود) الواقعة في ايران بالقرب من حدود العراق ومرقد السيد ابراهيم في بغداد ومرقد السيد احمد في كركوك
و مقام (شاه هیاس) في سهل نينوی ومزار بابا يادگار في سهل نينوی ومزار بابا حيدر في سهل نينوی و مقام ميري سور في حلبجة ومقام باوه محمود في خانقي و باوه شاسوار في كفري
وايضا تحدث عن الظلم واضطهاد الذي وقع عليهم” اول اضطهاد وقع علی الكاكائيه الـ(يارسان) في العصر الحديث في بداية تٲسیس الدولة العراقية بعدم ذكرهم كديانة في قانون اساس الدولة (الدستور) انذاك عام 1925 وبعدها لم تتم ذكر الديانة في الدساتير المتعاقبة في البلد لغاية الدستور الحالي ايضا لم يتم ذكر الديانة الكاكائيه ويعتبرونهم مسلمين قانونا لكن المجتمع المحيط يعلم بٲن الكاكائيه ليسوا مسلمين،
وفي فترة الحرس القومي تعرض الكاكائيه الی المضايقات عام 1963 وتلتها الاستيلاء علی اراضيهم الزراعية وتوزيعها علی عرب وافدين من مناطق اخری عبر مراحل عديدة في فترة حكم البعثيين بدء من عام 1968 لغاية الاحتلال الامريكي للبلاد، وبعد ربيع 2003 ظهرت مجاميع متطرفة واستهدفوا اتباع الديانة الكاكةييه الـ(يارسان) في كركوك وديالی ونينوی وبغداد مما دفع بنزوح عوائل كثيرة من الاحياء التي يسكوننها الی مناطق اخری اكثر امانا وعلی سبيل المثال نزح مائة عائلة من حي العروبة وسط مدينة كركوك بعد ان تم تهديدهم و اغتيال اكثر من ثلاثين مواطنا من عام 2003 لغاية عام 2008 والكذلك تفجير شاحنة كبيرة بعملية انتحارية داخل قرية وردك عام 2009 وتفجير شاحنة صغيرة في قرية وردك بسهل نينوی” لم يسلم الكاكائيون من سطوة وجرام تنظيم داعش الذي احتل وسيطر على الكثير من مناطقهم خلال الفترة بين عامي 2014 و2016، وطردهم من قراهم وشن هجمات ضد المدنيين وقتل وهجر الكثير منهم .
رغم تاريخهم القديم لم ياخذوا حقوقهم ولم يسجلو باسم طائفتهم لكنهم انسانيون وقمة الانسانية “رغم المعناة وانواع التنكيل والتهجير احبو وطنهم وارضهم وشعبهم ” تعايشوا بشكل سلمي “ضحى الكاكائية بارواحهم فداء للوطن والشعب “محبين للاديان لاتوجد عندهم اي تقاطعات مع الاديان الاخرى والطوائف مبدأهم التسامع والتآخي والتوادد والتعاطف ومحبة الاخرين .