بقلم : المحامي والأديب عبد الغني ملوك
كثيراً ما نسمع هذه العبارة ولا نلمّ بمضمونها الشائع و طيفها الواسع و معناها الظاهري أن على المواطن أن يكون عارفاً بكل القوانين متفهماً لها يدرك أن مخالفتها تتوجب العقوبة والمساءلة
ولكن القانون واسع شائع
وحتى يعسر على رجال القانون الإلمام بكل ما صادر من قوانين واجتهادات في تطبيقها وإن مخالفة القانون لا تبرر الجهل .
ومن زاوية أخرى يحق لنا التساؤل عن الكيفية في إفهام الناس فحوى القوانين متى تصدر وكيف تطبق
و ما هي الحقوق
والواجبات التي نص عليها هذا القانون والمؤيدات الزجرية له ويجب أن ننوه هنا عن القاعدة القانونية
والقواعد الأخلاقية فإن أهم ما يميز القاعدة القانونية من سائر القواعد الاجتماعية الأخرى كقواعد الأخلاق هو تبني الدولة للقاعدة القانونية وسهرها على حسن تطبيقها وإلزام الأشخاص باتباعها بما تضعه لها من مؤيدات تفتقر إليها القواعد الأخرى التي لا تدخل في نطاق القانون .
فالقاعدة التي تأمر باللطف مثلاً أو بعدم البخل لا يمكن عدّها قاعدة قانونية لأن الدولة لا تعاقب الإنسان على عدم اللطف أو على البخل بالتالي هذه القاعدة ينقصها لكي تكون قاعدة قانونية التأييد من قبل الدولة.
الأشخاص قد يمتنعون عن القتل أو السرقة أو قد يوفون ديونهم لا لأن الدولة تعاقب على القتل أو السرقة أو ترغم الناس على أداء ديونهم ولكن اعتقاداً منهم لاعتبارات شتى بضرورة ذلك فليس من الضروري إذن أن يكون احترام الناس للقاعدة قانونية وتطبيقها ناجماً عن تأييد الدولة لها و فرضها إياها .
المؤيد الذي تضعه الدولة للقاعدة يكون أساساً على نوعين : فهو إما أن يكون مؤيداً جزائياً يقصد به الزجر وإيقاع العقوبة للمخالف وردعاً له ولغيره , و إما مؤيداً مدنياً يقصد به الجبر ويكون ذلك بإعادة الأمور إلى نصابها وإزالة الخلل الذي احدثته المخالفة القانونية أو إصلاحه على قدر الإمكان
مراحل التي يمر بها القانون لكي يتم وجوده وتكونيه
ويصبح بعدها نافذاً : أولاً الاقتراح , والإقرار والإصدار والنشر .
فالنشر هو المرحلة الأخيرة التي يمر بها القانون ليصبح بعدها ملزماً وواجب التطبيق على الجميع
والغاية من النشر إعلام الناس بالقانون ليصبح ساري المفعول إليهم فالقانون إذن يوجد إقرار من المجلس النيابي
“مجلس الشعب البرلمان”.
يعد نشر القانون في الجريدة الرسمية بمنزلة التبليغ الفردي بالتالي افتراض علم الناس جميعاً بالقانون بعد نشره في الجريدة الرسمية أمر ضروري ومن هنا جاء المبدأ القائل “إن الجهل في القانون لا يعد عذراً ” وهذا المبدأ متأصل في علم القانون .
كثيراً ما نسمع عبارة القانون لا يحمي المغفلين لأنه في أغلب الأحيان يكون الدفع بالجهل القانوني هو ذريعة الإنسان المفلس الذي لا يملك دفاعاً عن نفسه فلا يقبل من أحدهم أن يدّعي جهله بالقانون فالجهل لا يصلح عذراَ بالتالي القاعدة الحقوقية متى سنّت و نشرت حسب الأصول تسري بحق المخاطبين بأحكامها سواء أكانوا عالمين بها أو لا لا عذر بجهل القانون .
وأجد أن منهاجنا التعليمي في المدراس ناقص لجهة دراسة القانون وتعلمه بشكل بسيط مبدئي منذ المراحل الأولى لتعليم الطفل
والتدرج في تعلم مبادئ القانون الأولية كأن تكون هناك مادة لنسمها علم القانون و الأخلاق تحض على الالتزام بالقواعد الأخلاقية من صدق وأمانة وعمل جماعي وتعاون
ومحبة بين جميع أفراد المجتمع وتبين لهم معنى القاعدة القانونية التي تسنّ من قبل المجلس النيابي
وضرورة اتباعها والعلم بها من مصادرها ومن المتخصصين في علم القانون ليعرف الجميع أنه لا جهل في القانون .