الأضواء / تبارك الحاتم
بات سلوك التَّنَمُّر ظاهرة من الظواهر المنتشرة في العديد من المجتمعات حول العالم، ويبدأ في مرحلة مبكرة من حياة الفرد، حيث تبدأ الظاهرة هذه من المدارس ومنها إلى المجتمع، حيث يتنمَّر القوي على الضعيف، والأكثر دهاء يتنمَّر على الاقل حيلة، والأكثر جرأة يتنمَّر على الخجول. وهذا ينطبق على الفتيان والفتيات في بلدان العالم، بعضهم يخرج من التَّنَمُّر سليماً معافى وبعضهم يحمل عُقَداً في داخله مدى الدهر.
يُعَرِّف المختصون التَّنَمُّر بأنه شكل من أشكال العنف بين طرفين أو عدة اطراف، وذلك في شكل تحَرُّش جنسي أو اعتداء لفظي أو بدني أو غيرها من أشكال العنف، ويعمد البادىء بالهجوم لأسلوب الترهيب والتخويف والتهديد بالقتل أو أسلوب الاستهزاء والتقليل من شأن الشخص المقابل.
وفي سؤال طرحته عبر مقابلتي لبعض الطلبة حول ما إذا كانوا قد تعرَّضوا للتَّنَمُّر من قبل زملائهم في الجامعة ، قال 26 طالب من اصل 100 طالب انهم لم يتعرضوا للعنف من قبل زملائهم ، بينما قال 74 طالب انهم تعرضوا من قبل للتنمر من قبل زملائهم.
ترى اسراء سعد (طالبة تربيه في جامعة الكرمة)إنه لايوجد تنمُّر في الجامعة وإنْ وُجِد فهو قليل ونادر ويكاد لايُذكَر، وهذا يرجع إلى المرحلة العمرية التي يكون فيها الطالب وكونه وصل لمرحلة النضج الفكري، والعلاقة بين الطلبة محكومة في حدود الزمالة، والتخصصات والواجبات المكثفة تجعل الطالب في ضغط فلا يفكر سوى في النجاح والتخرج، لاسيما وأن نظام الجامعة صعب من حيث الإنذارات والطرد وهذا مما يحد من وجود أية تجاوزات بين الطلبة.
وذكرت اسراء انها لا تذكر انْ كانت قد تعرَّض لتَنَمُّر من قِبَل أي من زملائها بالجامعة وإن أقصى خلاف بينها وبين زميلتها كان جدالاً حول موضوع ما وسوء تفاهم وانتهى الموضوع سريعاً دون أنْ يبلغ حد العنف.
فيما ترى رؤى جلال (طالبة محاسبه في الجامعة التقنية الجنوبية)، أن التَّنَمُّر موجود في كل مكان حولنا وخاصة في الجامعات، والأمر يعتمد على البيئة التي خرج منها الفرد، مضيفة أن أسباب التَّنَمُّر كثيرة منها ضعف شخصية الفرد وتسَلُّط الآباء على أبنائهم مما يخلق عُقَداً داخل الشخص تجعله يعمد لإظهار قوته تجاه الغير من الأشخاص الأضعف منه والتي لم يستطع إظهارها في كثير من المواقف على الأقوى.
وقالت إن أي سلوك اجتماعي يمكن تعديله والسيطرة عليه، وإن التَّنَمُّر يمكن الحد والتقليل منه من خلال تعليم الأفراد التسامح والثقة بالنفس، كما يجب على الآباء تعليم أبنائهم منذ الصغر ما يحث عليه الدين في التعامل مع الآخرين، والابتعاد عن أي مسلك مؤذ للآخرين لأنه سلوك مرفوض من المجتمع، وإن الشخص الذي يتعمد إيذاء الناس يصبح منبوذاً من المجتمع والأشخاص المحيطين به.
وأضافت الدراسة أن الباحثين عرَّفوا (التَّنَمُّر) بأنه سلوك قد يكون له تأثير نفسي سواء على من اتَّصفوا به أو كانوا ضحية له، لكن لم يتضح إلى متى يمكن لهذه الآثار أن تستمر.
ولكن الدراسة قالت إن «الاكتئاب والقلق المرتبطين بالتَّنَمُّر خلال فترة المدرسة يستمران على الأقل حتى فترة منتصف العشرينات من العمر».
وقال الاستاذ علي محمد (استاذ في جامعة باب الزبير) إن التَّنَمُّر من السلوكيات الشائعة في الوقت الحاضر، وعرَّفه بأنه عنف يتعرض له الفرد من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص، وأن هذا العنف حتى يُطلَق عليه كلمة تَنَمَّر يجب أن تتوفر فيه ثلاثة شروط أساسية وهي: والتَّعَمُّد والتفاوت بين المُتَنَمِّر والمُتَنَمَّر عليه.
وقالت الاستاذه نور (استاذه في علم النفس في الجامعة التقنية الجنوبية) إن التَّنَمُّر يمكن أن تكون له أسباب (بيوكيميائية) نتيجة وجود خلل في المخ أو استعدادات وراثية نتيجة تعرُّض الفرد للتعنيف من قبل أفراد أسرته أو وجود نموذج للعنف في المنزل من قبيل تسَلُّط الأب أو الأخ الأكبر أو مشاهدة موقف أو حدث عنيف أثَّر على تكوين شخصية الفرد .
وقالت إن الألعاب الإلكترونية ووسائل الإعلام لها دور كبير في تكوين شخصية المتنمِّر نتيجة ما يشاهده من عنف في التلفاز، وأغلب الألعاب الإلكترونية تركز على العنف والعدوان مما يزيد قابلية الفرد للتَّنَمُّر وتطبيق كل ما يراه من عنف على الآخرين.
مواجهة الاسلام للتنمر
أن الإسلام أعلى من قيمة السلام، وأرشد أتباعه إلى الاتصاف بكل حسنٍ جميل، والانتهاء عن كل فاحش بذيء، حتى يعمَّ السلامُ البلاد، ويَسْلَم كل شيء في الكون من لسان المؤمن ويده. وأن رسالة الاسلام أن يكون أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حسن خُلُقِه، قال صلى الله عليه وسلم: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» وأن يكون الخلق الحسن دليلًا على كمال الإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»
ولمواجهة هذه الظاهرة العالمية بدأت بعض الدول فى سن قوانين وتشريعات لمواجهة حوادث التنمر
اشار محمد جبار (المحقق العدلي) ان القوانين العراقية تجرم ظاهرة التنمر في اعلى مراحلها وفق القوانين النافذة حيث ان المشرع العراقي عرج على هذه الظاهرة وشرع لها قوانين خاصة حيث انها تمس اغلب مكونات الشعب وانها من الظواهر السلبية التي تفكك اواصر المجتمع وتولد احقاد وضغائن تقود الى مشاكل كبيرة في المجتمع وفي بعض الاحيان تسبب صراعات كبيرة داخل المجتمع
وأَخيراً قيام حوار بنَّاء داخل الأسرة وعدم التقليل من شأن الفرد أمام الآخرين لأن هذا يخلق نوعاً من الكُرْه للذات، والشخص الذي يتعرض لذلك سيحاول أن يجد ذاته عن طريق التَّنَمُّر والعنف والاستقواء على الآخرين.