كتب : جمال عابد فتاح ـ العراق
في حياتنا العملية لابد اننا قابلنا الكثير من الاشخاص اللذين يتمتعون بقدرات حوارية عالية , انهم يحاوروننا فيستمعون الينا ونستمع لكلامهم , نقتنع احيانا او ربما لا نقتنع , لان الهدف من الحوار ليس الاقناع , ولكن الهدف هو استغراقنا في الافكار وانجذابنا لما يقولون
ومن الناس من تكره ان تتحاور معه جملة وتفصيلا وكلما فتح معك بابا للحوار اغلقتها لتتجنب الحديث معه ,
ترى هل انت محاور جيد يحب الناس الحوار معه ؟ ام انك من النوع الذي يعرضون عنه ويتحاشون الحديث معه .
المحاور الجيد يستفيد بكونه قادرا على توسيع دائرته المعرفية , لان الحوار يصقل الافكار ويوسع دائرة المعرفة ويتيح الفرص لتبادل الخبرات ,فاذا كنت محاورا غير جيد ستحرم تلك الفوائد , وكثيرا ما نختلف حول قضايا , وكثيرا ما نتناقش , ومن منا لا يحتاج الى الحوار في حياته , وكثيرا ما نتجاذب اطراف الحديث , ربما حول قناعات او ذوقيات او مسائل مهمه او حتى غير مهمة ,فعندما تزورني وازورك ونقضي معا بعض الوقت , او يجلس مدير الشركة مع موظفيه في اجتماع , او تنظر لابنك لتوصل له رساله تربويه معينة , كل هذه النماذج تعد اشكالا من اشكال الحوار , وربما تحتاج زوجتك ان تحاورك يوما بدلا من ان تضربك !!!
فالحوار افضل بالنسبة لها ولك !! وان كان الضرب عند الزوجات مقدما في بعض الاحيان , ولكن الحوار يبقى وسيلة مثالية في جميع انواع الاتصال في حياتنا .
وقد لاتحاور لكي تقنع الاخرين , وربما تحاورهم بهدف الاقناع , ولكنك في جميع الاحوال تحاور لتبدي وجهة نظرك وتعبر عن رايك , ولتقول بان لديك فكرة معينة تريد ان توصلها وتنقلها للأخرين وتعبر عنها بشكل افضل .
ويمكننا تعريف الحوار:- بانه كلمة تضم بين حروفها معاني كبيرة ومساحات كافية وشروطا محددة وادابا يجب مراعاتها , والكثير منا يدخل في حوار او نقاش لا يخرج منه الا بصراخ وعويل , وان سلم من ذلك كان نصيبه القليل من الغضب والاختلاف والتفرق .
وقد ورد في القران الكريم اية تحض على المجادلة بالحسنى , قال تعالى ( وجادلهم بالتي هي احسن ) صورة النحل 125 , وهدف الحوار هو التعاون والوصول الى نتيجة متفق عليها تخص قضية او مشكلة تم الاختلاف عليها .
والحوار هو اعلى المهارات الاجتماعية قيمة , وتعرف قيمة الشي بمعرفة قيمة المنسوب اليه ,
والحوار هو عمل الانبياء والعلماء والمفكرين وقادة السياسة , ورجال الاعمال , والمربين , وهو اساس لنجاح الاب مع ابنه , والزوج مع زوجته , والصديق مع اخيه .
والامه الناهضة هي الامة التي تشيع فيها ثقافة الحوار بين ابنائها , وكلما ابتعدت الامة عن فتح افاق الحوار , عانت من الامراض الاجتماعية ( التسلط , الذل ,الكذب , المخادعة ..الخ ) , وكلما ابتعد الفرد عن التعبير عن الذات بالحوار السليم عانى من العقد النفسية والاضطرابات ,,
ولابد للمحاور ان يمتلك بعض الصفات ليكون محاور ايجابي ,لان الايجابية في المحاور اساسا ينبي عليه براعته ومهارته , ومن هذه الصفات ما يلي :-
- ان يكون المحاور موضوعي : يهتم بالموضوع وليس الشخص
- واقعي : يبحث في الوقائع قبل ان يقفز الى تأويلها
- متفائل : لا يفترض سوء الظن ويتلمس الافضل
- صادق: لا يخادع ولا يكذب
- متكافئ الطرفين : يحترم فيه كل طرف الاخر ولا يستعلي عليه
- يفتح باب المحبة ويقلل مياحة الخلاف
وليكن منطقنا في الحوار هو البحث عن الحق لاتباعه , وان نبدأ في كل حوار بالمساحة المشتركة بيننا وبين الاخر ولا نقفز الى المختلف فيه اولا و وان نعتمد مبدا النسبية وكما قال احدهم ( قولي صواب يحتمل الخطأ , وقول غيري خطا يحتمل الصواب ).