كتبت : ضي أياد ـ العراق ـ البصرة
بعد رحيلهِ بأيامٍ ظهروا على قنواتِ التلفاز وقالوا: “أننا ندينُ ونستنكرُ ماحدث من جريمةٍ بشعة قد راحَ ضحيتُها جسدٌ نامت عائلته على جيبِ معطفه، ولأننا نشددُ على ضرورةِ أن ينالوا نومًا هنيئًا وفرنا لهُ سريرًا من قطعةِ أرضٍ من وطنه يلتحفُ بها، تدفنهُ و تدفّئه..
في حين عندما كان حيًا خاطبهم مرارًا بأنه يطالبُ بحقهِ بسرير بجانبِ الفقراء والمساكين، لسريرٍ يدثرُ هؤلاء المرضى والعاجزين فأين كان هذا السرير عن الحزانى والمكتئبين حين نطقَ بأعلى صوتهِ “أريدُ وطنًا”!
وطنٌ لاسريرٌ بيني وبينه لا نافيةٌ تخطفني من تنهيدات النعاس وتنيُمني على الترابِ بين أذرعٍ تسعفُني في طلاسمَ ووساوس وصرخاتٍ مُعذبة..
ثورتنا ثورةُ يقظة ولكنه نام رغمًا عنه، فتحسسوا رأسهُ.. أمسكوا بهِ.. ضغطوا عليهِ لعلّه ينهظ فأختلط دمع عروقهِ بحباتِ رملٍ جعلوا منها فراشه، يقطّر العراق من جبينه، يُرشفُ من ماء دجلة على وجههِ يستنشق وطنهُ لآخر مرة، يحملقُ الجميع من حوله، يركضون بهِ، يرى أشخاصًا لا يعرفهم،
يبتلعُ صيحاتهم وكلماتهم بلسانهِ فيجفّ حلقه، يعبث بالحرف فلايخرج،
وبين هنا وهناك شخص ما يصورُ ماجرى ويناشدُ تلك الجهات المختصة لو تتكرم وتوفر للجميع أسرةً كي لايناموا بحلمٍ يقتلهم على الأرصفة ..