الرئيسية / الثقافية / حينما تنهضُ الرؤيــة الخلاّقــة .. مع الدكتور مصطفى مهدي حسين وكتابه ( عندما تكلمَ الورد )

حينما تنهضُ الرؤيــة الخلاّقــة .. مع الدكتور مصطفى مهدي حسين وكتابه ( عندما تكلمَ الورد )

كتب : ناظم عبدالوهاب المناصير  ـ العراق

أحسستُ أني أريــدُ أن أقرأ وأقرأ ، مددْتُ يدي إلى مكتبتي ، ليتني أبتعدُ عن تكرار ما أقرأ … حقلٌ آخر من حقول المعرفــة يتمثل بكتاب فيــه أشــياء تفتح حقول أحرفه عن شـحنات متدفقة ومتعددة ، تتآلف في نوعٍ من الولاء الصادق  مع النفسِ والذائقــة الإنسانيــة التوْعَوية ، كتــاب ( عندما تكلم الورد ) ، فـأي ورد يعني … لنتأمل فيما يحتويه ، صفحاته تتعدى الحدّ الأعلى لكتـابٍ أوراقه بيضاء ، خُط فيــه كل شــيء ، يغمرنا بالتأمل والقرب المشدد ، وعندما ينجلي الضباب الأسود ستندرجُ بيقين خالص الرؤية والهويـــة ، اللذان هما عنصران  متآلفان يعطيان فرصـــاً من التفاؤل من مناشيء الكلمــة وأهدافهــا ، فالهويــة جامعــة تُحدد موقع الإنسان من أخيـــــــــه الإنسان ، أما الرؤيـة فهي استنفار الطاقات الإبداعيــة لإحيـــاء ثقافة أو أدب واقعي وصادق ينطلقُ من مكنونات إنسانيـة ووجدانية . يقول ( أدونيس ) : الثقافة المعياريّة ، الواحديّـة ، المغلقـة الكاملـة ، اليقينية  ، وعلى هذا الثالوث تنهض الرؤية الخلاقة التي تطرح أسساً جديدة لبنـاء عالم  جديد ) أنتهى .

فالذات البشرية تعزز دورها بإتقان شامل لمحددات تأمليــة ناتجة عن بيئــة  صحية تنتج معطيات جديـــــدة في توثيق وأرشفة عوالم تأمل الإنسان بأفكاره وتطلعاته ، فيقتحم الشـــــاعر فضاءات ما وراء الكون أو أنهــا تكون مجهولة   فيتأمل الحياة فيغتني بصوت السكون تحت ارهافات حســية تنهض قوية بحبٍّ  مفرط ليكون ســمة تجذب المتلقي كونهــــــا تقترب من مكامن تآلف السياقات  المعنويـــة وروعــة الخيالات ، فالنص الشعري قد يتآلف مع الذات تحت تأثير  فواصل محددة لمنوال نسيج متناسق مع لحظات متآلفــة تتوالد في بيئــة بعيدة كل البعــــد عن التزييف والخداع ، كما أنّ الفرادة المتجددة تتسع لحدث شامل على ضوء اندفاعات مرنة ومتصلة في بيئتها وفكرتها . كتـــاب ( عندما تكلم الورد ) يعطينـــا فرصـــاً واعدة للاستزادة في معرفة الانطلاقة الشعرية من بصيرة وجدانية من عمق سواقي الحياة ، حينما تضرب أشـــعة الشمس الأرضَ نلمحُ الماء على ظهر انيها رقراقاً بلونها الذهبي ليكتمل الورد في بثِّ نفثاته الزكية .مؤلف الكتاب صديق وشاعر وأســـتاذ جامعي ، أصدر عدداً من الكتب في تخصصه ودواوين شعرية بلغت تســعة دواوين . الأستاذ الدكتــور مصطفى مهدي حسين ، تظل كلماتـــه  تهدر في متســــع من المساحات المتراميـــــــة في حقول الشعر والأدب والمعرفة ، كتب مقدمة  الكتاب من خلال جذور ثقافته العالية تجلت في شفافية ومرونة متقنة ، يصف بها الذات الإنسانية فأشار إلى خمسة شعراء وهو سادسهم :  عبدالله نجم المنصور /سالم حسن سلمان / عثمان نجم المنصور / فيصل مهدي حسين / مصطفى مهدي حسين /قاسم محمد علي أسماعيل .. وحينما نولج في رؤى الكاتب نرى أنه أباح من خلالها منوال العمود العربي  في الشعر العربي فأتاح لنــا ولنفسه أن ينتقد الشعر الحر ، ما دام هناك مقولة  قالتها العرب : على أنّ الشعر هو الكلام الموزون المقفى .. كتب القصيدة على السليقـــة وقصائد أخرى على البحور القصيرة وبالذات بحر الرمل أو الحق كما يقول : أنّ التي لا تغيب عن بال أي إنسان هي أكثر الطرق  السالكة لمن أراد أن يقول شعراً ..عثمان نجم المنصـور وعبدالله نجم المنصور شاعران تمكنا من قول الشــعر فتفتحت لديهما قريحة الشعر بشكل طبيعي ونادر أما الشاعر ســالم حسن السلمان الذي كان يجمع بين قصائد التفعيلة وقصائـــد العمود ، يستمع له الدكتور مصطفى ويقرأ بروح الناقد ، فكانت قصائده تنطوي على أفكار ومعانٍ جميلة . المرحوم الشاعر فيصل مهدي حسين ، شــقيق الدكتور مصطفى كان يكتب الشعر ، لكنه في ذات ليلة حلم أنّ أخاه مصطفى وجده ميتاً ، نهض وأسرع إلى غرفته ليطمئن عليه مما أعطاه الموقف دفقاً من الإلهام في تنظيم قصيدة مطلعها سلمت يداك من الحوادث يا أخي … يفنى الزمانُ وأنتَ حيٌ خالــدُ علاقته بالشاعر قاسم محمد علي اسماعيل كانت مكسباً إلى من يكتب الشعر وهو غني عن التعريف ، بلغت دواوينه العشرة من ضمنها سونيتات غنائية جميلة ، ولنا أن نتصور هذه البانوراما اليافعة من الماء والخضرة والجمال والشعر مع تآلف الأصدقاء التي كانت ولا تزال ولن تزول .. عندما تكلم الورد ، دراسة ونصوص مستفيضة لشـــــــعراء جمع بينهم الرؤية الواضحة وما فرزته الظروف التي مرت بهم في سرها وعلنها ، في افراحهـا وأتراحها وفي واقعها وخيالاتهــــا ، فرحلة الشاعر مصطفى تتسم بانتقاله في التأمل الوجداني ورمزيــــــة الإبداع فيتحول إلى قديس يرعى أساطيره فيتقدم  ويعزل نفسه عن أيهامات وفجوات الانحدار فيأخذ في مسعاه جانب المشاهد التي تجسد معنى الحياة دون عودته على درب منهك فتستجد في فضائه رؤية حساسة قد تسبق هبوط أية نقطة ضوء من كوة حبلى بأرت الأحاسيس ..

وبالأمس ضَحَكْتِ لي …

بحِسٍّ دافــىءٍ عاطر

حَكيتِ قصّــــةً أحْلى …

 من الأشعار والشاعرْ وكان الجَوُّ نشــوانـاً …

 مليئـاً بالشدا ماطرْ

شاهد أيضاً

قـراءة فـي روايـة فـرانكشتاين  في بغـداد )) للروائي احمـد سـعـداوي

كتب : جمـال  عـابـد فتـاح ـ العراق هذه الرواية من طباعة منشورات الجمل / بيروت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.