كتب : أسعد شهاب اللامي ـ العراق
التاريخ يصنعه الأبطال , يشمخون في صفحاته , تستذكرهم الأجيال , يصبحوا عنواناً حقيقياً يسيرون عليه, وفي العراق المجتمع العشائري يشكل أهمية ونسبة عظمى لايمكن تجاهلها , لعبت القبائل العراقية دورا مهما في تأريخه وعلى مر السنين ومازالت إلى الأنَّ صامدة بوجه الحداثة ,سجلت مواقفها في تأريخ العراق , وقفات مجيدة , ونكسات مذلة مخجلة في الذاكرة العراقية الحية, الدور العشائري بشيوخه ورجاله وحتى نسائه مفخرة الأجيال ,صانعوا المجد وحدهم من يدخلوا التأريخ….اليوم نتحدث عن شخصية مهمة ذات طابع عشائري ,استكملت مسيرة بني لام الخالدة , وتاريخ بني لام حافل بالمواقف والمآثر المشرقة والمشرفة , منذ القدم تسيدوا طيئ في الجزيرة العربية فكان الأمير أوس بن حارثة اللامي الطائي سيد قومه ومن أكرم كرماء العرب وكذلك ابن عمه حاتم الطائي ,دخلوا الأسلام وناصروه بعد سنة (9 هـ)سجلوا المواقف مع الرسول الأكرم (ص) والحكم الإسلامي فيما بعد, وعندما نزحوا إلى ميسان /جنوب العراق أسسوا امارة في منتصف القرن السادس عشر أو بداية القرن السابع عشر الميلادي على يد المجدد اللامي حافظ بن براك,ودامت امارتهم ثلاثة قرون,فانجبوا الشيوخ والأبطال ,وأخرهم ثائر الجنوب الشيخ غضبان البنية اللامي رجل المواقف الوطنية ومقارع الاحتلال الانكليزي ابان احتلاله للعراق (1914م-1918م)…..ومن رحم تلك البطولات والشوامخ اللامية ,ولد الشيخ حمود سعيد النصيري عام 1932م في النصيري وهو الابن البكر لوالده من الزوجة الثانية ( أشبيدي شكراوي ) والتي تعتبر من النساء البارزات الباسلات في العشيرة . والابن الثالث في تسلسل ابناء سعيد، ذلك الوجيه البارز في العشيرة , عصبي المزاج ,الشجاع,منذ نعومة أظافره حفزته والدته لدخول الديوان وسماع احاديث رجال العشيرة , كبر على ذلك الحلم الذي يدور في رأسه إنه يوماً ما سيكون رجلاً مهماً من رجال العشيرة , هل كانت والدته ذات فراسة بشخصه ام إنها ارادت له أنَّ يكون كذلك فرسمت طريقه منذ صغره . واقتبس من والده الشجاعة والكرم , وحسن الضيافة , ومن أُمه التي كانت ( مدرسة ) كما يسميها وأتكأ عليها , ولم يدر في خلده يوماً أنَّه سيكون أحد أهم الشخصيات البارزة والشوامخ السبعة أو اعمدة الحكم السبعة التي حكمت العشيرة , والمؤسس الحقيقي لمشيخة النصيري ,ولم يلغى نظام المختارية الذي مارس الامور الادارية بالعشيرة, تأثر كذلك بسيرة شيوخ بني لام القبيلة الأم وبالذات الرمز الوطني وفارس قبيلة بني لام الشيخ غضبان البنية اللامي . تزوج مرتان , فالاولى هي شقيقة الشيخ المختار جاسم الحسون وأنجبت له ولد واحد (أستشهد في الحرب العراقية – الايرانية ) برتبة ملازم أول , وبنتان متزوجتان , والثانية من آل أزيرج. منذ أن أسس المشيخة (منتصف 1988 – 1989 ) لم يقف طموحه عند هذا الحد بل اصبح رئيس عام عشائر بني لام في البصرة, ويعد أهم شيوخ قبيلة بني لام في العراق / المنطقة الجنوبية , وأصبح مدرسة في القضايا العشائرية من الصعب التغلب عليه , يملك فراسة وحاد الذكاء ويجيد فن التحدث وفن القيادة العشائرية يستطيع ان يقرأ عيون خصمه من اول نظرة , يملك استراتيجية في حل القضايا ومنازلة الخصم, يستطيع ان يأخذ الحق لعشيرته أو للجلسة المكلف بها من خصمه دون أي استخدام للعنف بل بعقله , أستطاع ان يكوّن علاقات جيدة مع شيوخ المدينة والبصرة وعشائر المنطقة الجنوبية . ولاننسى إنه دخل السلك العسكري برتبة نائب ظابط وأشترك في الحرب العربية – الاسرائيلية عام 1967م واشترك في معركة الكرامة , ضل متربعاً على كرسي مشيخة العشيرة من التأسيس والى أن اشتد به مرض ألّم به فترجل عن صهوة جواده مودعاً ابناء عشيرته في يوم لم يصدق احد أن فارسها الشامخ الابرز بين الشوامخ يرحل هكذا بسرعة حيث كان ذلك في يوم الجمعة الخالدة الموافق 14/6/ 2013م .وقد شيع تشييعاً مهيباً يليق بمكانته حيث زحفت جموع من العشيرة والعشائر الاخرى ببيارقها وعشائر بني لام في البصرة وغيرها , واقيم له مجلس عزاء كبير , استعرضت في العشائر , وحضر وفاته سمو الشيخ سعدون اللامي امير بني لام في العراق وشيوخ بني لام الاخرون , يُذكر انه عضو في مجلس اعيان البصرة بعد عام 2003م وعضواً بارزاً في مجلس الاسناد العشائري في قضاء المدينة الذي يرتبط بمكتب رئيس الوزراء وتأسس سنة 2007م وبعصره عاشت عشيرة النصيري عصرها الذي نستطيع ان نسميه عصر التقدم والإزدهار (الذهبي) التي لم ترى هذا العصر إلاّ بحكمه ووجوده وبشخصه .من اهم انجازاته ايمانه بالتعليم كما قال لي حيث طالب ببناء مدرسة في قلب النصيري لبعد المدارس الاخرى ,فبنيت مدرسة النصيري الابتدائية وتستقر معها اليوم مدرسة النعمة الابتدائية للبنات و سابقاً مدرسة النصيري المسرع اضافة الى مركز محو الامية ,وطمر شارع النصيري عام 1997-1998م اثناء موسم الفيضان ,ومشروع توحيد بيارغ عشائر بني لام في البصرة ,وتقدم العشيرة الى الامام واخذ مكانتها بين عشائر قضاء المدينة والبصرة وبني لام …..الخ.وقد عايشته عن قرب وكان لي شرف اجراء الحوارات معه والترشيف والاستفادة من معلوماته القيمة , فهو بحد ذاته مدرسة متكاملة , يستطيع اي شخص من قريب او بعيد ان ينتهل منه مايشاء .رحم الله الشيخ حمود النصيري في ذكراه السنوية , وادام الله حفيده الشيخ سيف قتيبة حمود النصيري في استمرار مسيرة المشيخة وقيادة ربان العشيرة نحو شواطئ الامان .