حاورها : رئيس التحرير
الروائية الشابة والمتألقة رغدة مجيد فيصل ،من بغداد، طالبة بكالوريوس اختصاص لغة عربية. اكتبت في المجال الروائي والقصصي وكذلك الخواطر، أما اصداراتيها السابقة فلها كتاب ورقي مشترك بعنوان (في فضاء الورق عشرون نجماً )، وأما الاصدارات الالكترونية فلها اربع قصص قصيرة على منصة الواتباد وعناوينها هي (لحظات غرق، حياة بلا مشاعر، عقاب هروب، بر الأمان) ، ومن هواياتها، رسامة تقول اطمح للوصول الى الاحترافية، كذلك تهوى إلقاء الشعر كذلك تكتبه وكان تلقي القصائد داخل المدرسة في المناسبات الوطنية والدينية، وكتبت مسرحية قصيرة ومثلتها بصحبة زملائها في المدرسة، أيضاً لديها مهارات في التنقيح اللغوي وما زالت مستمرة في صقلها، وقد عملت كمصححة لغوية في إحدى المجلات سابقًا. بدأت بالكتابة منذ الصغر، كانت في مرحلة الابتدائية كتبت المذكرات والقصص الطفولية ولها الكثير من المحاولات التي من خلالها تطورت تدريجياً . لقد اشرفت والدتيها وجعلت لها اساس متين كونها شاعرة فكانت تساعدتها وتقدم اليها النصح بشكل مستمر، وكذلك كما قدم مساعدة معلمات ومدرسات اللغة العربية اللواتي شجعنها ووقفن الى جانبيها فكانت تربطها علاقة خاصة بمدرسات اللغة العربية واستمر هذا الدعم حتى مع اساتذتها في الجامعة، وفي الفترة الأخيرة اكتشفت الاستاذة دعاء السوداني موهبتيها وقرأت قصصها، فشجعتها هي الأخرى وقدمت ليها الدعم والمساعدة وهي مَن أخذ بيديها حين قررت نشر روايتيها الأولى وكانت خير داعم .. لذاك ارتأت الاضواء أن تسلط اضوائها على المبدعات الشابات في العراق من خلال هذا الحوار لنتعرف عن حيثيات تلك المحطات الابداعية مع الروائية رغدة مجيد فيصل من خلال هذا الحوار :
* ماهو سبب اهتمامك لكتابة الرواية وماهي الدوافع جعلك في هذا المشغل الادبي ؟
– في الواقع لدي قصة مع هذا الأمر.. فأنا منذ صغري كنت ألقي الشعر الذي تكتبه والدتي في المدرسة، وقد اعتدت على التواجد أمام العلم كل خميس لإلقاء قصيدة.. وقد حصل ذات يوم وأنا بعمر الثالثة عشر.. أن اخذت دفتر قصائد والدتي لأعرض إحداها على استاذتي، لكن الدفتر سُرق في ذلك اليوم! ورغم محاولاتي الحثيثة لإيجاده لم أصل اليه أبدًا، وهذا بالطبع أثر على والدتي وأحزنها بعمق.. وكسر شغفها فما عادت تكتب الشعر وهذا كان مصابًا عظيمًا! في الحقيقة.. شعوري بالذنب تجاهها جعلني ابحث عن اي وسيلة لإعادتها الى الساحة.. حتى مدرساتي ومديرة المدرسة كانوا قد اشتاقوا لسماع قصائدها. وعلى هذا، كنت أحاول انتاج نصوص أدبية قد ترفع من معنويات أمي، واذهب اليها وأطلب رأيها، فكانت تساعدني، وأحيانًا تعيد كتابة النصوص..
حاولت تقليدها وكتابة القصائد مثلها، لكني لم أنتج شيئًا يستحق القراءة، ولم أتوقف فقد كنت لا أزال اشعر بالذنب حيال والدتي.. فكتبت في مجال القصص، ووجدت منها الدعم والنصح والمساعدة.. وهكذا تذبذبت محاولاتي بين القصص والقصائد، الى أن نجحت بعد سنتين في جعلها تكتب قصيدة.. وكنت قد عرضت عليها محاولة فأعادت كتابتها من جديد.. وكانت تلك هي نقطة عودتها التي أفرحت الجميع، في الواقع.. محاولاتي طوال تلك السنتين جعلتني أدرك حلاوة القدرة على كتابة شيء.. وجمال التعبير عن المشاعر، ونسج القصص التي تؤثر بكل مَن يقرأها.. أدركت حينها ما الذي أستطيع ان أكتبه، وهكذا اخترت مجال الرواية واستمرت محاولاتي في هذا المجال ولاحقًا طرقت باب القصة القصيرة وقد راق لي أن أخوض في غمارها أيضًا.
* متى كانت البداية في مشغل الروائي وماهو الجانب التأثير فيها ؟
– البدايات كانت بسيطة جدًا، والمحاولات كانت طفولية.. لكني خلال تلك الفترة، كنت قد بدأت بالقراءة بشغف.. بدايتي مع القراءة كانت من الروايات العالمية، فتعلقت بالأدب البوليسي وشغفت بقراءة رواياته، عدا هذا كنت اقرأ كل كتاب يقع تحت يدي، وهذا بالطبع أثر على ذوقي الأدبي ومقدرتي على ترتيب خيالاتي وكلماتي فتطورت كتاباتي ومحاولاتي… فكنت أكتب ثم أعرض ما اكتبه على والدتي وكذلك اشخاص متخصصون لهم ذوق أدبي، وحتى على صديقاتي، فأعدل وأعيد الصياغة.. المرحلة التي استطعت فيها أن اكتب رواية بتفاصيلها المتشعبة كانت بداية المرحلة الاعدادية، وحتى الآن.. ما زلت على عادتي اعدل وأقوم النص ولا انجز الرواية خلال فترة قصيرة لرغبتي بأن تكون متكاملة، فتطوري مستمر وكلما نضجت أدبيًا عدت الى رواياتي لتعديلها.
* من هو الذي حفزك لكتابة الرواية ؟
– في الغالب، الكاتبة اجاثا كريستي.. فهي اول كاتبة قرأت لها وكانت مكتبة العائلة تحتوي على الكثير من رواياتها، فشغفت برواياتها التي عددتها رياضة للعقل بكل كم الذكاء الذي تحتويه.. وكنت قد قرأت ذات مرة عن بدايتها فهي الأخرى كانت تحاول الكتابة بتشجيع من والدتها، وهي الاخرى كان لها محاولات فاشلة في الكتابة رغم كل الابداع الذي انتجه قلمها فيما بعد.. حقيقةً.. راق الأمر لي، نسج الأحداث وصنع عالم آخر وإدارة تفاصيله بكل هذه المهارة، مسألة إدخال القارئ لعالم من صنع الكاتب الذي يتحكم بالانفعالات، فيُدهش أحيانًا، ويُحزن في أحيانٍ أخرى، وقد يُفرح ويُضحك.. وربما يثير القلق والخوف على الشخصيات… أن نتحكم نحن بكل هذا، جعلني ارغب بكتابة رواية.. وكانت محاولاتي الاولى متأثرة بشكل كبير بروايات أجاثا كريستي.
* الاديب دائماً يسعى للقراءة المتواصلة من اجل التحفير للكتابة في أي مجال كان الميول للرواية العراقية أو العربية أو الاجنبية من هم الكتاب الرواية الفتوا هنيتك ؟
– كما ذكرت سابقًا.. نقطة بدايتي كانت من عند روايات الأدب العالمي، فكنت اقرأ لأجاثا كريستي وللسير آرثر كونان دويل، ولشكسبير وغيرهم من الكتّاب.. ثم جمعتني الصدفة مع أول كتاب لكاتب عربي وعراقي وهو كتاب شيفرة بلال للدكتور احمد خيري العمري، ومنه دخلت عالم الروايات العربية وقد أبهرني كم الابداع الذي وجدته فيها، فتنوعت قراءاتي أكثر من ذي قبل، وزاد اقدامي على قراءة كل كتاب يقع تحت يدي، وكانت أرض الروايات العربية خصبة جدًا ومثمرة وقريبة من القلب، فكان الكاتب الأول الذي ادخلني لهذا العالم هو من الكتّاب المفضلين لدي، وهنالك آخرين أثروا بي كقارئة وكاتبة على حد سواء كالدكتورة حنان لاشين ومصطفى لطفي المنفلوطي.. أما من الكتّاب العالميين، فبالإضافة لأجاثا كريستي كنت متأثرة بالسير آرثر كونان من حيث الجانب البوليسي، وبالكاتبة ج. ك. رولينغ من حيث روايات الفنتازيا.
* باعتبارك اختصص في اللغة العربية هل الاديب يحتاج تطوير لغته العربية كثير من الادباء ليس اختصاص في مجال الادب ولكن يخضون هذا المشغل كما نعلم أن اللغة العربية العمود الفقري للأديب ؟
– بالطبع لا.. فأعظم الأدباء ليسوا مختصين باللغة العربية، منهم الأطباء ومنهم المحامين ومنهم المهندسين، هنالك قائمة طويلة بالأطباء الكتّاب منهم د. حنان لاشين وآرثر كونان نفسه طبيب، كذلك أحمد خالد توفيق كاتب وطبيب، ايضًا د. احمد خيري العمري نفسه طبيب اسنان.. ويمكنني أن أطيل القائمة، لذلك التخصص باللغة العربية ليس شرطًا، المهم هو توفر الثقافة والموهبة فالكاتب هو باحث ومفكر بالدرجة الأساس، وما يهم هنا هو فكره وثقافته.. أي نعم التخصص باللغة يضيف نقطة قوة من حيث البناء النحوي والبلاغي بشكل عام.. لكن هذا لا يجعله شرطًا اساسيًا رغم أهميته.
* تقولين بدأت كتابة الرواية منذ الطفولة ما هو السبب أو الدافع لذلك ؟
– وجود الموهبة، وتشجيع العائلة حيث كان والدي كوالدتي يشجعني ويظهر سعادته بما أنجز واكتب.. كذلك ارتياحي عند الكتابة جعلني أستمر فيها، فكنت أعبر عن مشاعري وأخرج من ذاتي في بعض الأحيان فأنظر للأمور من زاوية اوسع وأشمل وبطريقة تختلف عن الباقين.. هذا ما دفعني للتمسك أكثر بالكتابة.
* انتِ تؤيدين الحافز الاول للأديب منذ الطفولة العائلة؟
– أجل بالطبع، دعم العائلة واحتوائهم للموهبة يحفز الأديب ويدفعه للسير نحو الأمام.
* هل تؤمنين أن الادب هو من حصيلة المفلسين ؟
– بالتأكيد لا.. فالأدب هو فكر وثقافة وموهبة، لا تتعلق ابدًا بالماديات ولا المستوى الاجتماعي.
* ما هو حصيلتك الان من انتاج الرواية وما هو آخر الانتاج ؟
– كتبت العديد من الروايات التي لم تبصر النور بعد، وبعضها بلا نهايات، وكلها محاولات تعلمت منها ومن تفاصيلها.. وآخرها رواية (أرواح في قبضة الشر) التي أصررت على إكمالها وتمسكت بها لثلاث سنين اعدت كتابتها خلالها ثلاث مرات، في كل مرة كنت أطور فيها جانب معين بعد أن أدرسه وابحث فيه، وما كنت سأنشرها الكترونيًا كما فعلت مع القصص القصيرة، لأن قراري بشأنها كان النشر الورقي والحمدلله تحقق ما كنت أرنو اليه وها هي في طريقها لإبصار النور ككتاب ورقي.
* الغرور عنما يصيب الاديب ماذا يجري له ؟
– الغرور برأيي هو آفة الابداع الحقيقي، وهو الحائط الذي يسد طريق التطور، فمن أصابه الغرور لن يرى أخطاءه ولن يصحح مساراته، ولن يقبل النصح والنقد الذي قد ينبهه الى هفواته فيقوّمها.
* أجد بـأن دار العنقاء للنشـر والتوزيـع والترجمة، دار مـُتعاونـة مع الكُتـاب المبدعين في العراق ماذا تقولين لدار العنقاء؟
– في الواقع، لدار العنقاء فضل كبير علي واخص بالذكر مديرة فرع العراق الاستاذة دعاء السوداني، فهي التي اشرفت على اتحاد كاتبات واتباد العرب الذي من خلاله تعرفت عليها وكانت خير ممثل لدار العنقاء، ودعمها لي جعلني أثق بالدار واتعامل معهم لطباعة روايتي الأولى، وقد وجدت منهم تعاملًا راقيًا ومحترمًا ومتفهمًا للغاية، فكان الشرف لي انني تعاملت معهم وإن شاء الله لنا تعاملات أخرى فيما بعد.
* كلمة اخيرة تحبين تقوليها لأسلافك من المبدعات والمبدعين ؟
– ما أود إيصاله لكل مَن له ميل للكتابة أو للجانب الأدبي بشكل عام، هو أن هذا المجال لا يكتفي فقط بالموهبة.. بل هو العمل الجاد والإصرار على التقدم والتطور… الكاتب ليس شخص يرصف الكلمات وينسج الخيالات فحسب.. الكاتب هو انسان مفكر ومسؤول عن كل كلمة يكتبها، وهذه المسؤولية تحتاج لمن يستطيع أن يتحملها، ولمن هو أهل لها… وهذا بالذات يدفعنا نحن الكتّاب الى القراءة والبحث المستمر والمحاولة الحثيثة، وأنا لدي قناعة بأن مَن وضع هدفه امام عينيه وسعى إليه فلا بد له من الوصول إليه، فكلنا لنا زمن تشع فيه نجومنا وهذا الزمن آتٍ لمن أراده ولو بعد حين.