كتب : راهي العلياوي ـ العراق
كان لص متمرس مع تلميذ له باللصوصية يركبان حافلة عمومية وكان الى جانبهما رجل نتأت محفظته ماله من جيبه فسرقها اللص المحترف بخفت يد اعتاد الصيد الحرام وصلوا الى المحطة الاخيرة فنزلوا جميعا وسارع اللص الى فتح المحفظة في ركن جانبي ليجد فيها مالا وبطاقات شخصية وورقة عليها دعاء للحفظ ،
اللهم احفظ مالي من ان يسرق او يحرق ،فهرع اللص على الفور خلف الرجل حتى وجده وقدم له المحفظة مدعيا انه سقطت من جيبه على الطريق اخذها الرجل وشكره ودعا له واكمل طريقه .
هنا التفت اللص المتدرب الى معلمه انت تذهلني ،قال له لقد سرقت اليوم اناس غيره دون ان يرف لك جفن ،فقال له المحترف لقد خفت ان تهتز ثقته بالدعاء فنحن نسرق المال لا نسرق الايمان ،
حتى في اللصوصية هناك شرف ومبادئ وما نرها في واقعنا اليوم، ليس هناك اي ذرة من المُثل العليا التي يروجون لها بما يعتمرونه فوق رؤسهم من( اسود ، وابيض )وخطوط حمراء . تجاوزوا الاولين وسيغلبون اللاحقين ، شرعوا لهم سرقات بلباس الايمان اصبحوا كابوس جاثم وشرنقوا الناس بشرنقة حبائلهم في ظلماتٍ بجبٍ عميقٍ اظلم ، ووضفوا الحمقى الذي يعتاشون على فتات موائدهم ، واستلبوا تعاليم الله دون حياء للتشريع، وبهذه السرقات حطموا الحصانة الاخلاقية من وطنية ومُثل عُليا وهم محصنين بتشريعاتهم … الاوطان تبنى بحب الحياة وديموتها . طيلة الفترة التي حكموا ويحكمون والى الان لم نحصل الا على انتكاسات وتداعيات على جميع الاصعدة ، اصبحنا في ذيل قوائم الدول المتخلفة بدائنا نحلم بماء ،وضياء، وهواء، وهذه ابسط حقوق المواطنة المتوفرة في بلدان متخلفة عن ركب التطور .
اذن فشلت منظومة الاسلام السياسي فشل ذريع بالتجربة،
وستلاحقه الهزائم طالما هناك استنهاض للشارع لمحو التجربة الفاشلة من الاذهان وكسر اطواق العبودية، رحم الله الشاعر ابو القاسم الشابي اذ قال (إذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَاةَ…فلا بدّ أن يستجيب القدرْ … ولا بُدَّ لِلَّيلِ أنْ يَنْجَلِي …وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر) بدا الشعب تطلعه للحياة ، وتباشير الفجر لاحت للعيان ، سيتكسر القيد وتتفجر منه انوار الحرية لتبدد ظلمات العبودية الحديثة، بصعود التيارات المدنية لبناء دولة المؤسسات على انقاض الاسلام السياسي والذي ادى الى نهوض واسنهاض الشعب .