الرئيسية / آراء حرة / غسيل القلو ب

غسيل القلو ب

كتب : زكي الديراوي ـ العراق ـ البصرة

 

المكان .. عراق .بصرة المعقل.. الزمان بالتحديد1962 يوم كانت فقط منطقة المعقل بإدارة مصلحة الموانئ العراقية دولة متكاملة وعائلة واحدة لاينقصها أي مقوم من مقومات الدولة ..وأجزم انها كانت قطعة من الكرم والخلق والتعاون والمحبة بين أهلها..أحد الشباب تخرج من الاعدادية وكانت تجمعه علاقة محبة سرية بابنة جيرانهم البيت الملاصق لبيتهم ..علاقة جارفة العشق تبادل الرسائل بينهما خلال السطح المتلاصق للبيتين يلتقيان بقمة الظهيرة والشمس تحرق الأخضر واليابس لكنها كالثلج على قلبيهما وتبقى ذكريات قبلة أو قبلتين وطعمهما عدة أيام تضع تحت قدميها دكة من الطابوق لتتمكن من رفع رأسها فوق السياج ..ويضع تحت اقدامه علبة صفيح حتى ينال مراده بسرقة قبلة.

.تهديه أحيانا قطعة كيك..وكرزات ويأتي لها ببعض الحلقوم والكعك .. كارت معايدة فيه قلبين رسم القلبين باللون الاحمر وسهم يخترقهما..سألته لماذا السهم قال لها حبك اخترق قلبي ..خجلت وهو ممسك بيدها تتمتم عشقك اخترقني بالطول والعرض..بل انا ممزقة ..صدرها ضغطه السياج عندما أراد تقبيلها قالت اخاف عليك ..من ماذا قلبي يكاد يحطم السياج بيننا ..كلماتها أشعلت النار بقلبه ولم يسيطر على نفسه قفز على السياج انزلقت قدمه سقط فانكسرت ساقه ..أرادت أن تصرخ وتذكرت انها المصيبة هو من حرارة السقوط لحظتها لم يشعر بشدة الألم سحب رأسها إليه وعندما امتص شفتيها اغمي عليه .. يارب ماذا أفعل..تردد يارب .. سمعت صوت امها تقول لأبيها انها سمعت صوتا على السطح ..تداركت الأمر ونزلت مسرعة ..رات امها تردد نفس الكلام أمام باب الحمام المغلق لأبيها.. فقالت لامها ساصعد وأرى ماذا جرى .. الام طيب سادخل للحمام أفرك ظهر ابيك..اخبريني ما الأمر.. صعدت مسرعة وجدته لا يستطيع الحراك .. هل عرف اهلك ما حدث ابدا ..ولكن لااستطيع حملك .. ساعديني لاقف فقط وقف متكأ على كتفها اختفى منه الألم لحظتها.رغم تورم ساقه .. قال اريد قبلة وهو يشم رقبتها ..خذ ما تشاء ولكن خلصنا من المصيبة ..قال أخبري اهلك اني وقعت من على السياج وانا اقفز خلف القطة التي قتلت حمامتي.. طلب منها جلب حمامة من عشتها ونتف بعض الريش ونثره في المكان وأطلق سراح الحمامة ..هو كان يمتلك جن حمام على سطحهم وأهلها أيضا..قبل أن تنزل لتخبر أهلها تاسفت لما حدث قال لو كسرت جميع اضلعي قبلاتك بلسما لي..حضنته واخذت منه آخر قبلة ونزلت تخبر أهلها.. واخبروا أهله وصعد أهلها وأهلها وانزلوه بصعوبة ونقل للمستشفى.. حدث شك بين العائلتين .. عاد اخوها الكبير من العمل مساء وعندما سمع بالأمر قال لااصدق بالأمر..لابد من علاقة بين جارنا واختي وانهال عليها بالضرب والدها كان مؤيدا لرأي ابنه .ولكن امها وقفت معها ..وقالت كانت معي عندما سمعت صوت السقوط .. وبدأ الخبر ينتشر بين الجيران والمنطقة سبب احراجا لاهل الولد ..وأهل البنت. فطلب منهم رد اعتبار ضرورة خطوبة البنت..وبعد شهر جلس الناس للخطبة ولكن الجميع تفاجأ من أخيها الكبير يطلب مهرا لها مقداره الف دينار ..صعق الحصور من هذا الرقم المبالغ فيه وقال لن اتنازل عنه . تكلم السيد وشيخ العشيرة لغرض تعديل مبلغ المهر وخفضه اصر اخوها على الأمر.. وبعد مداولات وصمت محير..قال الشاب اوافق على المبلغ ولكن اعطوني فترة ادبر حالي ..وهكذا تمت الخطوبة بخاتم من ذهب فقط .. استغرب اهل الولد كيف ستحل الأمر..ومن يمتلك هذا المبلغ.. قال انا اتحمل الأمر كما هي تحملت الأذى وكلام أهلها والناس .. بعد أن رفعوا الجبس عن ساقه طلب مقابلة المدير العام لمصلحة الموانئ ..وتوسل إليه أن يصعد للعمل على البواخر التجارية والتي تجوب بحار العالم .. وتمت له الموافقة..ودع خطيبته واهله الذين أصابهم الحزن والالم..لفراقه المجهول .. انطلقت الباخرة تحمل عاشقا هائما كقيس بعشق ليلى… وبدأ يعمل نهارا وليلا ويعمل الساعات الإضافية ويجمع رواتبه راتبا فوق راتب..وشهرا بعد شهر .يحمل صورتها بمحفظته ويكلم الصورة ويقبلها ليلا ..سأعود لأجلك..مرت سنة وثمانية أشهر. جمع خلالها الفلس فوق الفلس لم يشتر يوما علبة بيبسي كولا . ولا حتى علبة كبريت أو سيكارة . فتح دولاب ثيابه والباخرة على مشارف المياه الإقليمية.. وبدأ بعد المبلغ وضحك بأعلى صوته المبلغ اكثر مما يحتاجه .. على العشاء قبل أن تدخل الباخرة شط العرب ..ساله الكابتن هل امورك مكتملة ..قال الحمد لله ..ولكني متالم جدا ..لماذا؟.. لأني لم اشتر اية هدية لاهلي.. الكابتن يخاطب الطاقم هذا اخوكم من لديه مواد فائضة عن حاجته فليقدمها له أنه اخونا..قدم له الطاقم مالم يتوقعه شكرهم وفرح كثيرا أراد دفع ثمنها قالوا هذه هدايا نحن قررنا شراءها منذ فترة..لزواجك نزل بعد ان رست الباخرة ولم يرسو قلبه ..وضع قدمه على الرصيف وقلبه طار لخطيبته.. اخذ، سيارة أجرة اوصلته لباب بيته..ضغط على الجرس..لحظات فتح والده الباب وصاح بأعلى صوته الحمد لله على سلامتك. .. نهض الجميع من النوم وانهالوا على بالقبلات يتلاقفونه من حضن لحضن كادت امه يغمى عليها وهي تشمه وتقبله…ولم تنم العائلة ليلتها من الفرح وكلما قال لهم اريد ازور بيت عمي ابو زوجتي يضحكون ويقولون صبرا انها ساعات فقط .. وأشرق الصباح وارسل اخته تخبر خطيبته ان امه تريد أن تخبرها شيئا مهما على السطح .. كان يريد مفاجأتها.. كان ينتظر متخفيا خلف الجدار ..صعدت خطيبته ..تنظر لسطح بيت الحبيب تنظر وتتذكر حبيبها وتتحسر.. فقال صباح الورد ..جمدت في مكانها وجف الكلام في فمها وضع قدمه على علبة الصفيح ..قالت لا ارجوك لاتنكسر مرة أخرى.. احتضنها في عناق عمره اكثر من سنة.. كان الليل سعادة عائلته وعائلتها..وبعد عشاء مشترك وشرب الشاي والضحكات ..أخرج المبلغ كاملا وسلمه لوالدها ..مع قلادة جلبها معه هدية لها ..حدد يوم الزفاف بعد اسبوع ..وبدأ التخطيط لصباح اليوم الثاني ..لغرض التحضيرات .. الاب قال غدا تاتين معي وامك لغرض الذهاب للسوق من اجل شراء غرفة الزواج والفراش والثياب وماتحتاجينه.. في الصباح قال الاب احتاج ساعة لاطلب إجازة من الدائرة وأسلم بدلتي إلى اللوندري لغرض الغسل والكوي.. طيب نحن بانتظارك .. اخذ إجازة لمدة أسبوع وبطريق العودة دخل إلى اللوندري وخلع سترته وسلم الكيس الورقي الذي فيه البنطال ..واستلم ايصالا بالبدلة.. عاد مسرعا للبيت واصطحب زوجته وابنته بسيارة تكسي ..إلى السوق لشراء غرفة جاهزة ..وبعد المشاهدة واقتناع الاب والام البنت لايهمها أن كانت الغرفة جيدة أو لا ..المهم تكتمل المراسيم خلال الأسبوع.. وبعد الجدل على السعر تم الاتفاق. وقالوا للبائع سنشتري بعض الحاجات ونكمل المواد عند عودتنا نأخذ الغرفة ونسلمك المبلغ ..قال لهم طيب ..قال الاب هل اعطيك عربون ..قال صاحب المحل ..ياعم اكمل وعندما تعود سلمني المبلغ .. امها قالت اهم شيء أولا نشتري قطعة ذهب ..عند الصائغ وبعد وزن القطعة الذهبية وحسب سعر المثقال كتب الايصال باسم البنت ..مد يده الاب لجيبه فلم يجد المبلغ فتش جميع جيوبه خطف لونه وتغيرت ملامحه..قال لقد سرق المبلغ مني ..سقطت دموع البت والام لطمت خدودها .. يامصيبتنا البنت تبكي ..عادوا لصاحب الموبليات..قال انك لم تمد يدك على جيبك..الرجل فكره مشوش ماذا يقول ..كيف يدبر الأمر..انه يشعر بضيق في صدره واختناق..أصابه الخرس وكأنه مشلول ..عادوا للبيت خائبين ولم ينطق أحدهم بكلمة ..وعم الحزن ارجاء البيت ..من سرقك لا يتذكر شيئا البنت أقفلت باب الغرفة عليها وهي في حزن شديد ..اغلقوا الباب ولم يتناولوا طعام الغداء والعشاء.. عند منتصف الليل قال ابنه علينا الاقتراض وغدا ضرورة يا ابي تأخذ سلفة والله كريم .. خرج الاب صباحا مع ابنه لمقابلة مديره لغرض طلب السلفة .. قال له ابنه ياابي ليس من اللائق أن تذهب لمقابلة المدير بهذه الثياب ..قال له بدلتي سلمتها للوندري لغرض الغسل والكوي ..قال طيب نمر تأخذها وهناك تغير ثيابك ونذهب للإدارة.. ركب الأبن دراجته الهوائية وركب والده على المقعد الخلفي ويتمتم يارب المدير يوافق على السلفة.. نزلوا عن اللوندري الاب أعطى ابنه الايصال وقال أنت استلم البدلة . سلم الابن على البنت المحاسبة وأعطاها الايصال ..فقالت ممكن هويتك ؟ لماذا ..لامر خاص ..غير معقول هذا الايصال سلميني البدلة .. المحاسبة يستحيل. استغرب الابن وارتفع صوته..ولم توافق تسليمه البدلة. اضطر الصياح على ابيه. دخل الرجل منزعجا ما الامر..الأخت تريد هويتك لمطابقته مع الايصال..أخرج الرجل هويته طابقتها مع الايصال ورقم العمل ..قبل ان تعطه البدلة. سالته..ياعم هذه بدلتك فعلا ؟؟ نعم لماذا هل هنالك اشتباه..نعم هنالك اشتباه !!..البسها ..لبسها الرجل انها بدلتي ..سالته هل نسيت شيئا فيها ..قال لها يا ابنتي انا مهموم والدنيا تدور برأسي مثل الدوامة وانت مثل محقق الشرطة .. انا ضاع مني مهر ابنتي وانت تحققين عن البدلة أن كانت لي أو لا.. مدت يدها واخرجت سجلا من الدولاب واخرجت منه مبلغ المال وسلمته له .ياعم هذه فلوسك كانت في جيب الجاكيت..وجدتها عندما فتشت ثيابك قبل الغسل.. الرجل كاد يجن من الفرح والدهشه امسك بوجه الفتاة وطبع على وجنتيها قبلات متسارعة قبل أن يطير فرحا..

شاهد أيضاً

عـلمـاء غيـروا وجـــه العـالــم (( فيثاغورس ))

 كتب : جمــال عـابـد فتـاح ـ العراق المعروف عن الحياة الخاصة لعالم الرياضيات والفيلسوف الاغريقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.