كتب : توفيق الشيخ حسين ـ العراق
فالوطن في قصائد السياب كان تعبيرا عن اللقاء الحميم بين الذات والأرض ، ويرتفع إلى مستوى التجربة الخلاقة استجابة لوحدة شعورية تؤكد كرامة الإنسان الذي يكبر ويعاني فتنطلق منه الصيحات عبر الأحداث والتجارب والمواقف الحاسمة ..
السياب يهدف من وراء طرحه للنموذج البشري في القصيدة إلى التوصل إلى أغراض تتعدى مساحة حركاته وانفعالاته فهو يتدخل في حركة نماذجه العديدة التي احتوتها قصائد ” المومس العمياء ” و ” الأسلحة والأطفال ” و “حفار القبور ” و ” عرس في القرية ” و ” هرم المغني ” و ” المخبر ” وقد لاحظ عبد الجبار البصري أن السمة الأساسية في قصائد السياب الطوال ظاهرة الازدواج في الشخوص والعاطفة والمبني والموضوع الفني وازدواجية الشخوص تعني لديه أن كل شخصية في القصائد السيابية تمثل فرديتها وتمثل نوعها .
يتحول الشاعر والأديب محمد صالح عبدا لرضا إلى المحور الثاني ” الشاعر وقضايا الشعر ” ويؤكد بان السياب ذو قدرة إبداعية بارعة ، وانه أدلى في أكثر من مناسبة بانطباعات حول الشعر، والمعاصر منه بخاصة الذي أسهم في خلق منحاه الشعري الحديث في الوطن العربي مع زملائه الشعراء الرواد , من خلال قصائد جديدة بلغتها وأسلوبها وفي مناخ شعري جديد ..
كانت للسياب كتابات نثرية ، منها القصة ، ومقالات حول المسرح والفن التشكيلي والدراسة الأدبية في مجال نقد القصص وتجارب الشعراء ، وقد كتب السياب مقالة عن مجموعة القاص مهدي عيسى الصقر ” مجرمون طيبون ” في جريدة الشعب ” العدد الأسبوعي ” الصادر في 29 حزيران 1957 .. وكذلك مقالة تحت عنوان ” الرصافي الشاعر الذي لم يلفق الأحلام ” في جريدة ” الثبات ” البغدادية ” في الذكرى السابعة لرحيل الرصافي في 17 آذار 1952 والتي كان يرأس تحريرها الشاعر الكبير محمد مهدي ألجواهري ، وفي عام 1958 وعلى صفحات ملحق من ملاحق جريدة الجمهورية كتب السياب مقالة بعنوان ” جواد سليم الذي يخبرنا الأشياء ” ..
المحور الثالث من الكتاب ” الكتابة القصصية ” , حيث نشر السياب ست قصص في محاولات كتبها بين عامي 1941- 1958 وهي :
1- فاجعة في الصحراء .. جريدة الاتحاد 29 أيلول 1941 .
2- أربع بنات مدرسة .. جريدة الشعب 26 آب 1955 .
3- كاسي حلاق القرية .. جريدة الشعب 18 كانون الثاني 1956 .
4- شجاعة في يوم قائض .. جريدة الشعب 1 شباط 1958 .
5- خالقو يذهب إلى المدرسة .. جريدة الشعب 15 آذار 1958 .
6- عبد الماء في شط العرب .. جريدة الشعب 12 تموز 1958 .
المحور الرابع ” قصائد لم يحوها ديوان ” ويتناول الشاعر والأديب محمد صالح عبدالرضا ست قصائد لم يحوها ديوان من دواوين السياب ..
قصيدة ” نبوءة حزينة ” حيث حصل عليها في عام 1978 من نجل الشاعر السيد غيلان بدر شاكر السياب والذي وجدها في دفتر قديم يعود لوالده حينما كان تلميذا في دار المعلمين العالية وتقترب من روح قصائده في مجموعته الشعرية ” أزهار ذابلة ” ..
يستطيع قارئ هذه القصيدة ومثيلاتها من قصائد السياب الأولى ذات المنحى الرومانسي أن يلاحظ الميزات التالية :
1- البحث النفسي عن امرأة في إطار الحب الضائع :
حطمتها قبضة سكرى .. ومرّت مقلتان
بالشظايا .. وتوارى عاشقان
2- الانفعال الوجداني إزاء الخيبة الروحية التي يعانيها :
أنا لا أهواك لا أمضي سأمضي في ذهول
3- مسحة الحرمان الكئيبة وأجواء الحزن والألم :
والشحوب الراعب المكسوف يلقيه الهلال
في رقاد الليلة العشرين .. حزنا لا ضياء
4- الحلم الرومانسي الذي يستغرقه وجدانيا:
وتصافحنا .. وظلان .. وظلان ونور
ويد في غرفة زرقاء والنجم الصغير
أوقد الشباك .. فامتدت يد من كل باب
5- اللجوء إلى الطبيعة وصورها كنوع من العزاء :
الظلال المقمرات الشحب
والسكون الخائف المضطرب
” نبوءة حزينة ” قصيدة تعبق بالبساطة التي طبعت شعر السياب ، إن هذه القصيدة إذا ما روعي زمن كتابتها فإنها كانت في سياق حركة التجديد الشعري المعاصر ضمن مسار التفرد في الصوت الشعري الخاص رغم وقوعها تحت مؤثرات شعرية خارجية ،ولشاعرها خصوصياته التعبيرية الجديدة التي تأكدت في تاريخه الأدبي وعبر تطوره الفني وحضوره الإبداعي ..
قصيدة ” عودة من الموت ” فهي تنتمي إلى روح قصائده من ديوانه ” شناشيل ابنة الجلبي ” عام 1964 , وقد أشار أكثر من باحث في شعر السياب إلى أن هذه المرحلة يكتسب فيها الموت في شعره طابعا ذاتيا لا يلغي اهتمامه بالواقع الموضوعي الذي يخص الوطن ، انها مرحلة الاستسلام للموت وفقدان الأمل بالشفاء، حيث تشكل الذكرى ملاذه من سقام المرض الذي كان يقاسيه وتنهض أمامه صورة ” وفيقة ” حبيبته الراحلة التي يحلم بلقائها بعد الموت ..
وطرقت باب الموت ثم وقفة انتظر الجواب
لا شئ غير صدى يعود إلي في الصمت العميق
أنا والدجنـّة والطريق
خفق الغبار عليه من همس الصدى …
ما انفك باب في الظلام , ولا تأوه
عنده الا التراب
حلم رمته الذكريات كجدول عكس النهار
لا باب يفتح والنوافذ مظلمات كاللحود
ياليت أنـّك يا وفيقة .. آه يا شلال دود
جرف القرون , طوى شراعا من شواطئ صور طار
ياليت أنـّك يا وفيقة تفتحين لي الحدود
ما بين عالمنا وعالمك المقنع بالغبار
” أغنية إنسان متحضر ” هي القصيدة الثالثة وكانت ضمن دفتر يعود للسياب وبرفقتها قصائد له منشورة في مجموعته ” شناشيل ابنة الجلبي ” وقام الشاعر والأديب محمد صالح عبدالرضا بنشرها ضمن كتاب ” 27 قصيدة للسياب بخط يده ” الذي صدر عن المركز الثقافي لجامعة البصرة عام 1991 ..
إن القيمة الفنية لقصائد السياب غير المنشورة إذا ما انحسرت الآن أو لم تنحسر فهي ذات قيمة توثيقية لأنها تشكل جزءا من تجربة شاعر أثـرفي الحياة الثقافية العربية المعاصرة .. في هذه القصيدة يستخدم السياب قصة ” يأجوج ومأجوج ” التي يعرفها كل من قرأ القرآن ” سورة الكهف الآيات 94-97 “،لا شك أن هذا الاستخدام يكشف عن معاناة العذاب الإنساني المتكرر
فالوطن في قصائد السياب كان تعبيرا عن اللقاء الحميم بين الذات والأرض ، ويرتفع إلى مستوى التجربة الخلاقة استجابة لوحدة شعورية تؤكد كرامة الإنسان الذي يكبر ويعاني فتنطلق منه الصيحات عبر الأحداث والتجارب والمواقف الحاسمة ..
السياب يهدف من وراء طرحه للنموذج البشري في القصيدة إلى التوصل إلى أغراض تتعدى مساحة حركاته وانفعالاته فهو يتدخل في حركة نماذجه العديدة التي احتوتها قصائد ” المومس العمياء ” و ” الأسلحة والأطفال ” و “حفار القبور ” و ” عرس في القرية ” و ” هرم المغني ” و ” المخبر ” وقد لاحظ عبد الجبار البصري أن السمة الأساسية في قصائد السياب الطوال ظاهرة الازدواج في الشخوص والعاطفة والمبني والموضوع الفني وازدواجية الشخوص تعني لديه أن كل شخصية في القصائد السيابية تمثل فرديتها وتمثل نوعها .
يتحول الشاعر والأديب محمد صالح عبدا لرضا إلى المحور الثاني ” الشاعر وقضايا الشعر ” ويؤكد بان السياب ذو قدرة إبداعية بارعة ، وانه أدلى في أكثر من مناسبة بانطباعات حول الشعر، والمعاصر منه بخاصة الذي أسهم في خلق منحاه الشعري الحديث في الوطن العربي مع زملائه الشعراء الرواد , من خلال قصائد جديدة بلغتها وأسلوبها وفي مناخ شعري جديد ..
كانت للسياب كتابات نثرية ، منها القصة ، ومقالات حول المسرح والفن التشكيلي والدراسة الأدبية في مجال نقد القصص وتجارب الشعراء ، وقد كتب السياب مقالة عن مجموعة القاص مهدي عيسى الصقر ” مجرمون طيبون ” في جريدة الشعب ” العدد الأسبوعي ” الصادر في 29 حزيران 1957 .. وكذلك مقالة تحت عنوان ” الرصافي الشاعر الذي لم يلفق الأحلام ” في جريدة ” الثبات ” البغدادية ” في الذكرى السابعة لرحيل الرصافي في 17 آذار 1952 والتي كان يرأس تحريرها الشاعر الكبير محمد مهدي ألجواهري ، وفي عام 1958 وعلى صفحات ملحق من ملاحق جريدة الجمهورية كتب السياب مقالة بعنوان ” جواد سليم الذي يخبرنا الأشياء ” ..
المحور الثالث من الكتاب ” الكتابة القصصية ” , حيث نشر السياب ست قصص في محاولات كتبها بين عامي 1941- 1958 وهي :
1- فاجعة في الصحراء .. جريدة الاتحاد 29 أيلول 1941 .
2- أربع بنات مدرسة .. جريدة الشعب 26 آب 1955 .
3- كاسي حلاق القرية .. جريدة الشعب 18 كانون الثاني 1956 .
4- شجاعة في يوم قائض .. جريدة الشعب 1 شباط 1958 .
5- خالقو يذهب إلى المدرسة .. جريدة الشعب 15 آذار 1958 .
6- عبد الماء في شط العرب .. جريدة الشعب 12 تموز 1958 .
المحور الرابع ” قصائد لم يحوها ديوان ” ويتناول الشاعر والأديب محمد صالح عبدالرضا ست قصائد لم يحوها ديوان من دواوين السياب ..
قصيدة ” نبوءة حزينة ” حيث حصل عليها في عام 1978 من نجل الشاعر السيد غيلان بدر شاكر السياب والذي وجدها في دفتر قديم يعود لوالده حينما كان تلميذا في دار المعلمين العالية وتقترب من روح قصائده في مجموعته الشعرية ” أزهار ذابلة ” ..
يستطيع قارئ هذه القصيدة ومثيلاتها من قصائد السياب الأولى ذات المنحى الرومانسي أن يلاحظ الميزات التالية :
1- البحث النفسي عن امرأة في إطار الحب الضائع :
حطمتها قبضة سكرى .. ومرّت مقلتان
بالشظايا .. وتوارى عاشقان
2- الانفعال الوجداني إزاء الخيبة الروحية التي يعانيها :
أنا لا أهواك لا أمضي سأمضي في ذهول
3- مسحة الحرمان الكئيبة وأجواء الحزن والألم :
والشحوب الراعب المكسوف يلقيه الهلال
في رقاد الليلة العشرين .. حزنا لا ضياء
4- الحلم الرومانسي الذي يستغرقه وجدانيا :
وتصافحنا .. وظلان .. وظلان ونور
ويد في غرفة زرقاء والنجم الصغير
أوقد الشباك .. فامتدت يد من كل باب
5- اللجوء إلى الطبيعة وصورها كنوع من العزاء :
الظلال المقمرات الشحب
والسكون الخائف المضطرب
” نبوءة حزينة ” قصيدة تعبق بالبساطة التي طبعت شعر السياب ، إن هذه القصيدة إذا ما روعي زمن كتابتها فإنها كانت في سياق حركة التجديد الشعري المعاصر ضمن مسار التفرد في الصوت الشعري الخاص رغم وقوعها تحت مؤثرات شعرية خارجية ،ولشاعرها خصوصياته التعبيرية الجديدة التي تأكدت في تاريخه الأدبي وعبر تطوره الفني وحضوره الإبداعي ..
قصيدة ” عودة من الموت ” فهي تنتمي إلى روح قصائده من ديوانه ” شناشيل ابنة الجلبي ” عام 1964 , وقد أشار أكثر من باحث في شعر السياب إلى أن هذه المرحلة يكتسب فيها الموت في شعره طابعا ذاتيا لا يلغي اهتمامه بالواقع الموضوعي الذي يخص الوطن ، انها مرحلة الاستسلام للموت وفقدان الأمل بالشفاء، حيث تشكل الذكرى ملاذه من سقام المرض الذي كان يقاسيه وتنهض أمامه صورة ” وفيقة ” حبيبته الراحلة التي يحلم بلقائها بعد الموت ..
وطرقت باب الموت ثم وقفة انتظر الجواب
لا شئ غير صدى يعود إلي في الصمت العميق
أنا والدجنـّة والطريق
خفق الغبار عليه من همس الصدى …
ما انفك باب في الظلام , ولا تأوه
عنده الا التراب
حلم رمته الذكريات كجدول عكس النهار
لا باب يفتح والنوافذ مظلمات كاللحود
ياليت أنـّك يا وفيقة .. آه يا شلال دود
جرف القرون , طوى شراعا من شواطئ صور طار
ياليت أنـّك يا وفيقة تفتحين لي الحدود
ما بين عالمنا وعالمك المقنع بالغبار
” أغنية إنسان متحضر ” هي القصيدة الثالثة وكانت ضمن دفتر يعود للسياب وبرفقتها قصائد له منشورة في مجموعته ” شناشيل ابنة الجلبي ” وقام الشاعر والأديب محمد صالح عبدالرضا بنشرها ضمن كتاب ” 27 قصيدة للسياب بخط يده ” الذي صدر عن المركز الثقافي لجامعة البصرة عام 1991 ..
إن القيمة الفنية لقصائد السياب غير المنشورة إذا ما انحسرت الآن أو لم تنحسر فهي ذات قيمة توثيقية لأنها تشكل جزءا من تجربة شاعر أثـرفي الحياة الثقافية العربية المعاصرة .. في هذه القصيدة يستخدم السياب قصة ” يأجوج ومأجوج ” التي يعرفها كل من قرأ القرآن ” سورة الكهف الآيات 94-97 “،لا شك أن هذا الاستخدام يكشف عن معاناة العذاب الإنساني المتكرر .