الرئيسية / الثقافية / أنفاس أبليس المخمورة ؛ في (ما لم يقل ..!  تمرد لرفض العبثيــة ، في السلوك الإنساني ..    رواية من الواقع الريفي للكاتب بندر جاسم السعد ..

أنفاس أبليس المخمورة ؛ في (ما لم يقل ..!  تمرد لرفض العبثيــة ، في السلوك الإنساني ..    رواية من الواقع الريفي للكاتب بندر جاسم السعد ..

كتب : ناظم عبدالوهاب المناصير ـ العراق

روايــة (مالم يقل) بجزئين ، للكاتب بندر جاســــم السعد ، طبعت بمطابع بيت الصحافة في العراق عام 2009 ..  الكاتب من مواليد 1952 في قرية من قرى مدينة القرنة ، خريج كلية الهندســة ، مارس الكتابة القصصية منذ سنوات دراسته الإعدادية والجامعية .. قبل خمسة شهور ، تعرفتُ عليه حينمــا كنــــا نجلس في إدارة جريدة الأضواء المستقلة ، تحدثنا عن مشاكل الأدب والتأليف والطبع  .. أهداني روايته ما لم يقل  التي رأيتُ أنها  تنبع من عمق الريف العراقـي ومــدى مـا تظهره من خصوصية بشأن حواضر تاريخية وآنية .. وأنا أقرأ مفرداتها وسطورها أحسستُ أنّني أدرك تماماً ما للرواية في شكلها وعمقهـــا ودراســــتها للواقع الحقيقي أو الخيالي تُعتبر تركيبــة بنائيـــة في التأمل يتضح يومـــاً بعد يوم في إنسجام مع محصلات الزمن الكهنوتية والمستجدة لأننا أصبحنا نثير في حلقة مملوء ما بداخلهـــا من روابط أو طفرات استثنائية مع اعطاء الانطباع الشامل والجاد للحركــــة الأدبيــة المعاصرة ، وحينمــا نترك الصراع بين جيل وآخر ندرك أنّ الرواية تطغى في أتون معركة آنية ومستقبلية على أرض تتسلح بعاداتها وتقاليدهــا وما ينتج عنها من كوارث أوأو معالم مترفعة لها خصوصيتهـــا في رقي المجتمعات أو هبوط قدرة تجربتهـــــا، وحتماً فإنّ الرؤية في الوعي لواقع الريف أو المدينة يقود إلى تيارات الحداثــــة ، ولسنا بصدد المزج بين الواقعية و الخرافة الشعبيـــة في غضون فترات زمنيـــة أمام كمٍّ هائل من التساؤلات التي ربما تُؤدي إلى القفز على سلوكيات في حواضر  تاريخية نجد عندها التلقائية في مناخ معتدل أو منسجم في عالم جمالي مبهر ..  الخبرات الواسعة في القراءة والاطلاع والكتابة ودراسة التاريخ والعلوم والأدب ، من أساسيات كتابة الرواية لأنها عالم واســـع فيه تفاصيل ومرتكزات وتشعبات ليس من السهولة استخدام عادات خارقـــة أو انتهاج حالات من الصدق وتصوير الحياة في معايير ثابتة في الأخلاق والعادات وطرق العيش، وبهذا المعنى نستطيع التوصل إلى أنّ العمل الأدبي قد يكون مكتملاً ، فيمــا إذا لم يختل التوازن الهرمي واختفاء الفجوة التقليدية بين حصر المشكلات الإنسانية وإدراك معاني الحيــاة في  معرفة أبعادهــا التاريخيـة ، مما دعا ( بروست ) إلى أنْ يقول 🙁 إنّ مهمة الكاتب ليست في حقيقتها سوى عملية ترجمة ) …كما أنّ في كتابة القصة أو الرواية لابد من تطور وتغير الطبيعة الإنسانيــــة ضمن الإطار الزمني في عدد من الأماكن ، أو في الاتجاهات الرمزية والكتابة في الأسطورة أو في التاريخ ، أو كما يحلو لبعض كتاب الروايــــة أنْ يترجموا ما في دواخلهم في كتاباتهم في التقريريـــة أو  في الكتابة التسجيلية ، مع دمج محصلة الذات الإنسانيــــــة في انعطافات الحيـــــاة الزمكانية وبكل الظروف ، مما يتيح بفكِّ الرموز المعقدة التي تتيح للإنسان استباق الزمن في مصير غير ثابت  ربما يكون متناقضاً أو صادماً أو متلاقياً مع أوضاع أخرى في مجالات قائمة بحد ذاتها ، لكنها قد تتطور وتنتقل نقلاتها الكيفية أو أنها تنعكس في أروقة واسعة أو ضيقة وحسب المدخلات التي ترمي إلى الانعتاق من  حالة شاذة إلى حالة أكثر مرونة أو أقلِّ حذلقــــة وتهور .. وكما يدعو بعضهم في الخوض باهتمامات تنطوي على التفاعل الحقيقي ، لكن هل بمقدورهم اســـــتيفاء  حق الفكرة أو الدلالة في موعد مع جريان بعض النصوص ، وهل هناك نصوصاً ظاهرة وأخرى باطنة تتمايز في اطار واحد وفي حراك بين الدخول والخروج في حوارات تتحول النصوص فيها من أســــرار مرجعية طبيعتها فرديـــة على سبيل  صنع مفارقات في الرمزية والواقعية مما تبقي الحكايـــة في اطار واضح وبوعي خاص … متى ما اشتدت الفكرة من منبعها بداية حتى نهايتها في وشيجة تتسرب منها جميع الميول والاتجاهات وفق نظرية طارئــة .. هنا قد تقفز أفكار واضحة:  ما يعني لنا الإبــداع ؟ هل أنــه يقبع في اطــــار لا يمكن أن ينسجم أو يؤثـر فينــا حينما نكتب أي نص من النصوص ؟ عندهـا لا نستطيع أن نقول عنه ابداعاً ما لم يأخـــذ مسـاره في تأثير ترتج له أحاسيس المتلقي مهمـــا كانت ميوله .. فأنزيمات الحياة التي تطرأ في واقع يشهد له بصفاء ورضا النفوس ، لكنها ربما تقسو علـى نفسها بإطار الانفلات أو لملمة سريعة لمحصلات قد تكون مناسبة أو أنها تنطلق  في صيغة إنفلاتية جاحدة .. فمنـذُ عودة الشيخ والحصار جاثم على الصدور خانق لمسيرة الإنسان ، وقد تكون المواد شحيحة وجبروت وطغيان النظام العالمي الجديد ، هم يزرعون بغابر النفوس لشرذمة تحتفي بعودة السدة واللحمة … وليمة بمائتي خروف .. الأطفال حفاة ، ونصف عراة … التاريخ يسجل فروقات تبقى على حالها في زج الشريف خالـــد بملاحقة آل صالح ، فأنهم يفكرون بأنهم لا يركعون ، أمـّا  إذا امتدت اليد الناعمة للجسد الممزق ربمــا تثير هواجس الجياع ، فتصدر آهـات المتخاذلين ، حينما تسلك مواكب الأتراك الآثمــــــة فربما ( أخو صالحة ) يتريث قليلاً وقـد يمسح وشم الأفعى .حالات من التعثر أو الإسهاب في التطور القصصي قد يشيع بأرض أخرى … لكنه ربما ينطفئ الحزن بعهــدة الزمن القاسي ، كما أنه هنـــاك إستشراء صوتٍ غريب في عار عروس عمرها ثماني ســنوات ، تحيل الأمر إلى واقع غير مقيـــد بالقوانين المكتوبة … السرد هنا يطول لكنه لا يتوقف عند عشيرة أو عائلة تحن على نفسها وبما يكون عليه إنّ في بعض الكلام ( صائبــــــاً حينما يتمخض ) من  هفوات جارحة أو عمل أسوأ ما في حياة الإنسان … هذا التسلسل الهجيني يأخــــذ مدارات تنكفيء لوحدها في صومعة التجني البشري ..ويكاد أنْ يكون دخيلاً علـى عشيرته ويلتفت قليلاً للتواطؤ الذي ربما يأخذ مسارب أو طرقاً عديـدة في كيانات هزيلة ، وما تبقى من ماء الوجه ليس إلاّ هفوات تحت ضَنك الحـــال وضيق البال كمـــــا هي حزورة الأمس أعطت مفاتيح لمغالق عند كيانات مارست حقهـــا غير الشرعي في الحياة . التقريرية في ملحمة البؤس ، قد تعطينا نظرات صاخبة في الرمزية تحت أجواء غير معلنــة ، لكنما نعود ونستبدل بِكَمٍّ من الأساليب التي تعطي الثمرة الأخيرة في مكبِّ الحياةِ الدميم . إنك لتبدي شجاعة في الفكر الإنساني تبشر بأبجديـة جديدة في محاورة جادة على جسور حديدية تنطلقُ من وسط آلية مفعمة ربما تحتويها عناصر تتكيء على حائط شمولي رائد ضمن وسائل في التكوين الرسالي يأخذ بك في متون أجواء ما بين السماء والأرض ، وأنت تكتب بإسهاب مقتنعاً بما تجود به طبيعة خاصة في المستوى الأوفق في تناول مدخلات ومخرجات تبدو متجاوبة من ناحية المادة الفنية والأدبية ، وأعتقد أنه هناك اكتشافات ملامح جديدة لرواية حديثة ، لكنها  تنبض في حياة متفاعلة من عمق الريف العراقي ، وأنت ادرى بالحواشي والمتون   إنّ ما يزيد الإنسان شراهة ودجلاً وتمرداً هو أنّ اقتسام الغنائم ليس ميسوراً له أمام التحدي من خلال رعشة مجرم ما ، لكن الحياة لا تبشر بإشارات كونية إلاّ إذا انزوى فيها عنصر التشفي ضد محارم الشرف مما تجعل الانسياق وراء الماديات أفضل من التعقل وراء الروحانيات . السرد القصصي أو الروائي، ومع ما يمكن أن يخدم الفكر الإنساني في حقب من السنين تتجلى فيه ما تستوحيه الحياة حينما تستوطن النفوس طبيعة ذاتية تسجل فيها انحيازاً وثائقياً بنسق واضح ، ومن البديهي أن نعرف أنّ كل واحد من المجموعة العقلانية يطمع أن يكون هو في مقدمة لسان القوم ، ومن هنا تتغير وظيفة الكاتب فيما وسعه من اتقان المهام في بصيرة رائدة ويستنفر بما يستطيع من مفردات قــد  تكون ضرورية لدى العرف الإنساني مع مزاولة التركيبــــــــة الإنتقائية  من عـدة  زوايا لهـــــا الوقع الحسي والجوهري من وراء هتافات تؤدي إلى التنقل الإبداعي إلى جهـة أكثر ملامسة للحياة . وبهذا نفضل التقريرية في رسم صور حقيقية تبهر النفوس البريئة بما تؤول به مستجدات كل حدث ، وهذا ما أقدم عليه نجيب محفوظ في روايته ( أولاد حارتنا ) ، ونحن نتأمل أن نقرأ في مجال روائي آخر أكثر فعالية في تشخيص وتقييم واضح  وفيما لها الأثر الفعال في المعالجة الدرامية ربما نحس بها ولا يمكن أنْ نقحم أنفسنا  إلى سبر أعماق السطور وربطها في طبيعة تراجيدية على مستوى التكوين الإرادي ولا يبلغ نهايته في وجوده حتى تتجاوب كل الملامح البشرية سواء كان في الرواية  او السرد الحكائي في كل لون .. أرجو أن توصلت بحرص  إلى أيوانات روايــــة  ( ما لم نقل .. ).

شاهد أيضاً

قـراءة فـي روايـة فـرانكشتاين  في بغـداد )) للروائي احمـد سـعـداوي

كتب : جمـال  عـابـد فتـاح ـ العراق هذه الرواية من طباعة منشورات الجمل / بيروت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.